أبناء «الكار».. وشىء من «النفسنة»!

عندما يرحل فنان تتابع أهل (الكار) وهم يشيدون به وبإنجازه وعبقريته وجدعنته، بينما لو راجعت الأرشيف ستكتشف أنه كان يناله منهم العديد من الضربات تحت الحزام، ومع سبق الإصرار والإضرار!!.

 

لسان حالهم يقول: أخيرا ستضحك لنا الدنيا، كان يسرق منا الشمس والقمر، تذكروا مثلًا كيف نعى المطربون عام 1977 عبدالحليم حافظ، وتوقعوا أنهم سيعانقون النجاح الطاغى بعد رحيله، حتى إن محرم فؤاد عندما تجمع المطربون والملحنون في مكتب بليغ حمدى بعد ذيوع الخبر، قال إنه سوف يحمل الشعلة بعد عبدالحليم، رد عليه الإذاعى كامل البيطار: (بأمارة إيه؟)، أجابه: (أنا التاريخ)، رد البيطار ساخرًا: (تاريخ ميلادى أم هجرى؟)!!.

 

 

بين أبناء (الكار) تلمح الكثير من التجاوزات، لا يمكن اعتبارها استثناء، ولكنها القاعدة، التي من الممكن أن تعثر فيها على قليل من الاستثناءات، لا يمكن حصرها فقط في جيل، ولا في بلد، فهى عابرة لحدود التاريخ والجغرافيا.

 

 

لديكم مثلًا ميريل استريب تشكل حالة استثنائية بين كل النجوم، ولا أقول فقط النجمات، أرقامها بكل لغات العالم غير مسبوقة، عدد مرات حصولها على (الأوسكار) 3، والترشيحات 21، بينما توجت بـ(الجولدن جلوب) 8 مرات، والترشيحات 32، ورغم ذلك، قالت عنها شارون ستون: (إن المكانة التي حظيت بها ستريب تتجاوز ما تستحقه، وضربت مثلا بعدد من النجمات المعاصرات لها وتفوقن عليها)، وهو ما سبق أيضا لصحيفة (نيويورك تايمز) إعلانه، عندما اختاروا أفضل 25 ممثلًا، بعد مرور 20 عامًا على القرن الـ21، ولم تدرج بينهم ستريب.

 

 

مثل هذه الآراء كثيرًا ما تُثير عواصف من الجدل، لأنها تحمل في عمقها تناقضًا مع ما تعتبره الأغلبية من المسلمات البديهية.

 

 

استعدت قبل أيام لقاء قديم أجرته صفاء أبوالسعود مع سناء جميل، أعادنى في بعض مقاطعه لوجهة نظر ستون في استريب، قالت سناء إن فاتن ولا شك فنانة كبيرة، إلا أنها لا تقتنع بها في العديد من الأدوار، تشعرها بالتصنع، مكانة فاتن في السينما المصرية تتماثل مع مكانة ستريب عالميًا، وأضافت سناء بدون الإفصاح عن الأسماء مباشرة، أن بعض النجمات كن يعترضن على تواجدها في أي عمل فنى، واستطردت فاتن قالت إنها اعتذرت عن أداء دور (نفيسة) في (بداية ونهاية) لصلاح أبوسيف، لأنه يحتاج إلى امرأة قبيحة، فأسند أبوسيف الدور إليها، وأضافت سناء متهكمة، وهل نفيسة مجرد امرأة قبيحة؟.

 

 

عندما طلبت الصحافة الفنية من فاتن حمامة- مطلع الستينيات- أن تضع ترتيبًا للنجمات الصاعدات من الجيل التالى لها، احتلت زيزى البدراوى المركز الأول، ثم نادية لطفى الثانية، وحلت سعاد حسنى في المركز الثالث.

 

 

وقتها أجهشت سعاد بالبكاء، ولكن أحد الصحفيين المقربين، قال لها يجب أن تفرحى، فاتن أيقنت أنك الوحيدة القادرة على منافستها.

 

 

وهو ما تحقق بعد سنوات قليلة، حتى إن الدولة طلبت من عبدالحليم حافظ- باعتباره صديقًا للطرفين- أن يوجه في السبعينيات نداء عبر الإذاعة، حتى تهدأ بينهما المعركة الطاحنة، وبعد رحيل سعاد حسنى قالت فاتن حمامة (سعاد كانت أكثر جراءة منى).

 

 

عندما سألوا في منتصف الخمسينيات محمد فوزى عن تفسيره للنجاح الطاغى الذي حققه عبدالحليم حافظ، أجابهم بمثل شهير يحمل غمزًا ولمزًا: (الغربال الجديد له شدة)!!.

 

 

هل على الفنان أن يتعمد تجميل الحقيقة، عند تقييمه لمن هم داخل نفس الدائرة، حتى لا يتهم بأنه يحمل شيئًا من (النفسنة)؟، أم أنه لا شعوريًا (منفسن خلقة)، وعندما يأتى خبر الرحيل تموت (النفسنة)؟!!.

المقال / طارق الشناوى 

المصرى اليوم 

 

التعليقات