
حكاية مجدي وهبة "شرير السينما" الذي تنبَّأ عادل إمام بوفاته
من المنيا خرج الفنان الراحل مجدي وهبة ليحمل معه الشغف والبحث عن ضوء مختلف.
وفي أزقة الحلمية الجديدة بالقاهرة، نسج خطواته الأولى نحو حلمه، كأن المدينة فتحت له أبوابها ليخط فيها سطور البداية.
حلم مجدي وهبة، الذي حلت بالأمس ذكرى ميلاده (20 سبتمبر 1944)، في شبابه أن يكون طيارًا، فتقدم إلى كلية الطيران لكن أوراقه لم تُقبل، فقادته المصادفة إلى معهد الفنون المسرحية، وهناك، وعلى غير رغبة والدته، بدأ مشوارًا صادقًا مع الفن الذي ظل يعتبره هواية العمر.
بدأت الرحلة التي رافقها عشق قديم للشعر والقراءة، وتحولت شيئا فشيئا إلى حضور على الشاشة، حيث ظهر في "ثرثرة فوق النيل" و"ليل وقضبان"، ليؤكد أن الفن لم يكن اختيارًا عابرًا، بل قدر ظل يلازمه منذ طفولته.
لم يعرف "مجدي" حضن والده إلا ذكرى غائبة؛ لأنه رحل بعد شهر من ولادته، لكنه وجد في أمه السند والملاذ، تلك التي كرست حياتها لتربيته ولم تفكر في الزواج من جديد؛ رغم صغر سنها، وظل وفيًا لها، لا يبدأ يومه إلا بقبلة على رأسها ويديها، وكأنها وطنه الأول والأخير.
كان إنسانًا بسيطًا، محبًا للبيت وللجلسات العائلية، يفضل البقاء في منزله أكثر من السهر خارجه، وعرف عنه حبه لصلة الرحم، وارتباطه بجيرانه وأهله.
ويوم الجمعة كان له طقس خاص، يستيقظ، يشرب العصير ثم قهوته قبل أن يتجه إلى المسجد القريب الذي ارتبط به، حتى إنه تكفل بسيارة نقل الموتى للمصلين هناك، ولكن المفاجأة أنه كان أول من يُنقل فيها بعد رحيله.
عرف بين أصدقائه الفنانين بوفائه وخفة ظله، فكان قريبًا من الفنان محمود عبدالعزيز الذي اعتاد ارتياد منزله وتذوق أطباق والدته الشهيرة بالبصارة، وكذلك من الفنانين نور الشريف ومحمود ياسين، ثم صار صديقًا للنجم فاروق الفيشاوي.
ومع عادل إمام جمعته كيمياء فنية نادرة، حتى إن الزعيم تأثر بوفاته بشدة، واعتبر أن جملته له في "حنفي الأبهة" "أنت ميت ميت يا خيري" كانت أشبه بنبوءة موجعة.
ورغم انشغاله بالفن، ظل مجدي أبًا حنونًا؛ يوقظ ابنته في الصباح الباكر، يساعدها في الاستعداد للمدرسة، ويودعها حتى باب الأتوبيس بابتسامة الأمان، كما كان قارئًا نهمًا، محبًا للشعر والزجل.
وفي صباح 4 فبراير 1990، رحل "وهبة" عن الحياة عن عمر يناهز 45 عامًا، ولكن تظل إلى الآن أعماله باقية، وتكمل ابنته منال مجدي وهبة إرثه في الحياة.
وفي كل مناسبة خاصة به، تحكي مزيدًا عن أسراره.