
"استنزاف القدرات" تواجه "إغراق الدفاعات".. حكاية استراتيجيات الحرب بين إيران وإسرائيل
مع انقضاء أول أسابيع الحرب الإسرائيلية الإيرانية، بدأت تتضح الاستراتيجيات التي تتبعها كلا الدولتين، من أجل تحقيق النصر أو على الأقل إجبار الطرف الآخر على التنازل، وهو ما ظهر جليًا في نوعية الأسلحة وكيفية استخدامها.
وفجر الجمعة الماضي، شنت إسرائيل ضربة مفاجئة على مواقع نووية ومنشآت عسكرية إيرانية، واستهدفت قادة على مستويات عالية في الجيش والحرس الثوري وعلماء ومواقع إنتاج أسلحة مختلفة في جميع أنحاء البلاد، وتوسعت لتشمل مباني حكومية، بزعم أن طهران كانت على بعد خطوات من إنتاج سلاح نووي.
الشرارة الأولى
في المقابل، وجّه الحرس الثوري الإيراني موجات من الصواريخ الباليستية والطائرات المسيّرة، على عدة أهداف داخل إسرائيل، شملت قواعد جوية وعسكرية ومباني استخباراتية، إذ تسببت الضربات المتبادلة في سقوط عشرات الوفيات ومئات الجرحى وضررًا في المباني داخل البلدين.
وأجرت شبكة ABC NEWS، تحليلًا وفحصًا لمقاطع الفيديو وصور الضربات الصاروخية والطائرات المسيّرة في جميع أنحاء إيران وإسرائيل، بهدف تقييم نوع الذخائر المستخدمة وما يمكن أن يعنيه ذلك بالنسبة لطول الاشتباك المسلح، ومعرفة الاستراتيجية التي يتبعها كل من الحكومتين.
إيران تعتمد على إغراق الدفاعات الإسرائيلية
استراتيجيات الحرب
وكشف التحليل أن إيران تعتمد على استراتيجية التفوق على القدرات الدفاعية الإسرائيلية، على أمل أن تتمكن صواريخها التي تطلقها من الأرض من اختراق أنظمة الدفاع الصاروخي بالبلاد، وفي الوقت نفسه، استخدمت إسرائيل استراتيجية تعتمد على شن ضربات أكثر استهدافًا من خلال طائرات مقاتلة أو طائرات مسيّرة لضرب البنية التحتية والأفراد.
وأكد خبراء في دراسات الشرق الأوسط، للشبكة الأمريكية، أن الصراع حتى الآن كان جويًا فقط بين القوة الجوية الأكثر تقدمًا في المنطقة وبين قدرات الصواريخ الباليستية الأكثر تقدمًا بالشرق الأوسط، إذ تمتلك إيران أوسع مدى من الصواريخ الباليستية، لا تملكه أي دولة أخرى.
جيل كامل
ولم تستخدم إيران أي من طائراتها الحربية، خلال الحرب الدائرة الآن، ويرجع ذلك إلى أن طهران تركت قواتها الجوية تتقدم في العمر خلال السنوات الأخيرة، حتى أصبحت إلى حد كبير عبارة عن قطع متحفية قديمة، معظمها يبلغ عمره ما بين 40 إلى 45 عامًا، وكانت تأمل في تنشيط وتجديد طائراتها بعد رفع العقوبات عنها.
ولذلك، وفقًا للخبراء، وضعت إيران جم اهتمامها في سلة الصواريخ الباليستية، وعملت على تطوير جيل كامل من الصواريخ الباليستية، بما في ذلك صاروخ فاتح 1 وفاتح 2 الأسرع من الصوت، التي منحتهم ميزة كبيرة في الحرب، وتمكنها من اختراق أنظمة الدفاع الجوي الإسرائيلي.
الوقت يتضائل
هذا الأمر كشفه مسؤول استخباراتي إسرائيلي سابق رفيع المستوى، لشبكة إن بي سي، إذ أكد أن 65% فقط من الصواريخ الباليستية التي أطلقتها إيران خلال الـ24 ساعة الماضية، اعترضتها منظومة القبة الحديدية، وهو أقل ما كانت عليه قبل 48 ساعة، عندما اعترضت المنظومة 90% من الصواريخ.
إسرائيل تعتمد على الاستهداف المباشر الدقيق لمواقع معينة
وأضاف المسؤول أن الصواريخ الإيرانية الأسرع من الصوت، التي أُطلقت في اليوم الأخير منحت إسرائيل وقتًا أقل للاستعداد قبل أن تقترب المقذوفات من أهدافها، مشددًا على أنه حتى أمس الأربعاء، كانت التحذيرات تأتي مبكرًا قبل نحو 10 إلى 11 دقيقة من سقوط الصواريخ، لكن اليوم لم يعد أمامهم سوى 6 دقائق على الأكثر للاستعداد.
إغراق الدفاعات
ومنذ بداية الحرب عملت إيران على إغراق الدفاعات الإسرائيلية بمزيج من الصواريخ الأسرع من الصوت والصواريخ الباليستية التي تعمل بالوقود الصلب والسائل، ويهدف ذلك إلى خلق مفهوم عملياتي لخداع الأنظمة الدفاعية الإسرائيلية، وهو ما نجح بالفعل، وفقًا لما يقوله الخبراء.
بالنسبة لإسرائيل، فتكمن استراتيجيتها في استخدام نسخة معدلة من طائرة F-35 المقاتلة، وهي F-35I، التي تمتلك صواريخ قادرة على ضرب هدف على بعد عدة كيلومترات من موقع الطائرة المحمول جوًا، بجانب نشر أسلحة من داخل إيران بما في ذلك طائرات درون وأنظمة أسلحة موجهة.
تدخل أمريكا
وتمكنت إسرائيل بالفعل من إلحاق أضرار جسيمة بالبنية التحتية النووية والعسكرية الإيرانية، لكن الموقع الرئيسي داخل إيران في الأيام المقبلة سيكون منشأة فوردو النووية، وإذا دمرته إسرائيل بمساعدة أمريكية عبر الصواريخ الخارقة للتحصينات، فإن ذلك سيشكل ضربة لشرعية النظام الإيراني.
لكن الخبراء رجحوا أنها تسعى إلى تغيير النظام بشكل كامل، وهو ما ستحتاج معه إلى الوقت، إذ ستعمل على استنزاف إيران، عبر تقليص قدراتها لأطول فترة ممكنة حتى يسقط النظام، أو تحدث فوضى داخلية أو الاستسلام، ويتوقف ذلك أيضًا على مدى الدعم الأمريكي المنتظر من ترامب.