صناديق القمامة تبتلع المليارات.. "متى يتوقف البشر عن هدر الطعام؟"

بينما يبحث بعض الناس عن الطعام في كل مكان؛ هناك آخرون يُهدرونه بكل بساطة.

في وقت ما، ربما قبل مئات أو آلاف السنين، كان الصراع القائم بين البشر يدور حول الطعام، باعتباره الوسيلة الأهم لتحقيق الغاية المطلوبة في البقاء على قيد الحياة.

كان اعتماد الإنسان البدائي على الصيد، يأكل ما يصلح للغذاء من الفريسة، ويستخدم فرائها للدفء.

رويدًا رويدًا، طوّر الإنسان أدواته، وتمكّن من الحصول على الطعام بطرائق شتى. وفي بعض المناطق، زاد الطعام المتاح أمامه عن احتياجاته. وظهرت حاجة ماسة لتخزينه؛ فظهرت الثلاجات وتطوّر تعليب الطعام. مع ذلك، ظلت مشكلة إهدار وفقدان الطعام موجودة.

على الرغم من انتشار المجاعات بين البشر، والتي تُسبب الموت في بعض الأحيان، وسوء التغذية وتدهور الحالة الصحية في أحيان أخرى؛ فإنّ هناك آلاف الأطنان من الطعام التي تُهدر أو تُفقد كل عام؛ وهناك فرق بين الطعام المفقود والطعام المُهدر:

فقد الطعام: يحدث قبل وصول الطعام إلى المستهلك خلال الزراعة أو النقل وهكذا.

هدر الطعام: بعد وصول الطعام إلى المستهلك، ويكون صالحًا للأكل، ثم يتم التخلص منه عندما يزيد على الحاجة؛ مثل الطعام المُهدر من المطاعم والفنادق.

عادةً ما يُشكل فقدان أو هدر الطعام الكثير من المشكلات، لكن هناك بعض الدول التي تعاني من مشاكل الفقد، وأخرى تواجه الهدر، وبحسب «آنا كاتالينا»، مديرة العلاقات ونقطة الاتصال لبنوك الطعام في أمريكا اللاتينية، في مقابلة لها مع "العين الإخبارية"، تنتشر مشكلة هدر الطعام في البلاد متوسطة ومرتفعة الدخل، أما في الجنوب العالمي الذي يعاني من الفقر؛ فتنتشر مشكلة فقد الطعام؛ أي أنّ دول الجنوب العالمي، هي الأقل في إهدار الطعام.

لماذا علينا الحد من إهدار وفقد الطعام في العالم؟

حسنًا، هناك العديد من الأسباب التي تدفعنا للحفاظ على الطعام من الإهدار أو الفقد، لعل أبرزها:

1- إطعام البشر

وفقًا لمنظمة (Action Against Hunger)؛ هناك ما يصل إلى 783 مليون إنسان حول العالم يعانون من المجاعات. وهذا رقم كبير، إذ يُهدر نحو ثُلث الغذاء في العالم كل عام، وينتهي به الحال في مكب النفايات، بينما هناك ملايين الأفراد الذين يحتاجون إلى غذاء ولا يجدون.

2- توفير المال

تُقدر الخسائر المادية للطعام المهدر أو المفقود بنحو تريليون دولار أمريكي. وهذا يعني خسائر طائلة لأصحاب التجارة الكبيرة؛ إذ وجدت دراسة الجدوى التجارية أنّ الحد من فقدان وهدر الطعام؛ يُساعد الشركات على توفير الأموال، كما يمكنهم التبرع بالمواد الغذائية الفائضة، ما يساعدهم في خفض الضرائب.

3- الكف عن إهدار الموارد

لا يصل الغذاء إلى مائدتك بسهولة، لنأخذ الأرز على سبيل المثال؛ تبدأ رحلته بمزارع يهتم بأرضه ويُهيِّئها لزراعة محصول الأرز، الذي بالمناسبة يستهلك كميات كبيرة من المياه، وبعد زراعته ونموه، يبدأ في عملية الحصاد، يليها استخدام آلة لفصل القش عن الأرز، وهذا يستهلك طاقة، ثم التعبئة والنقل والتخزين والبيع، كل هذا يستهلك موارد متمثلة في القوى البشرية العاملة، وطاقة، وأرض زراعية وتدابير النقل والتخزين. ثم تشتريه أنت وتطبخه؛ ويصل أخيرًا إلى مائدتك. وعند إهدار الكمية الزائدة عن حاجتك؛ فهذا يعني إهدار للموارد السابق ذكرها.

4- الحفاظ على مناخنا

ينبعث غاز الميثان من مدافن نفايات الطعام بصورة ملحوظة، وغاز الميثان واحد من أقوى الغازات الدفيئة، وأكثر قوة في التأثير، ما يعود بالسلب على مناخنا وبيئتنا عند إهدار الطعام بدون جدوى.

على مائدة COP28

لاقى الأمن الغذائي اهتمامًا ملحوظًا في أثناء مؤتمر الأطراف المعني بتغير المناخ في دورته الثامنة والعشرين (COP28) في إكسبو دبي، بالإمارات العربية المتحدة، هناك حيث خرج «إعلان الإمارات في COP28 بشأن الزراعة المستدامة والنظم الغذائية القادرة على الصمود والعمل المناخي»، الذي أشار إلى ضرورة إعادة النظر في السياسات والدعم لتعزيز قطاع الزراعة، وتقليل انبعاثات الغازات الدفيئة، والحد من فقدان وهدر الطعام.

تأتي مشكلة هدر الطعام وفقدانه في وقت يمر فيه العالم بأزمات اقتصادية ومناخية قوية، تزيد الحاجة إلى كل غرام من الطعام؛ ليستقر في معدة الإنسان؛ ليضمن البقاء على قيد الحياة، وبالفعل تُولي العديد من المنظمات اهتمامًا بهذا الأمر. مع ذلك، تتفوق كمية الطعام المهدرة أو المفقودة على جهود تلك المنظمات، ما يعني أننا بحاجة إلى سياسات صارمة؛ للحفاظ على مواردنا الغذائية.

 

التعليقات