يا مواعدني بكرة!

عاش الشاعر سمير محبوب فى مأساة طوال رحلته مع الحياة، إلا قليلا.. هذا القليل توافق مع سنوات البدايات والنجاح والانطلاق التى اقتسم فيها رغيف العيش وقرص الطعمية وطبق الفول مع رفيقيه محمد الموجى وعبدالحليم حافظ.
مرت قبل يومين ذكراه الـ(23)، هو شاعر أغانى البدايات لهذا الثنائى الرائع، وهكذا كتب (صافينى مرة وجافينى مرة)، التى حققت نجاحا استثنائيا مع صوت عبدالحليم.. غنتها فى البداية زينب عبده، ولم ترشق فى قلوب الناس إلا عندما قدمها عام 1953 عبدالحليم فى مسرح (الأندلس)، وقال يوسف وهبى، مقدم الحفل: اليوم تعلن الجمهورية ويعلن مولد مطرب جديد.
ساهم اللحن العصرى للموجى فى سرعة انتشارها، وتتابعت الأغنيات مثل: (يا تِبر سايل بين شطين) و(ظالم وكمان رايح تشكى) و(عينى يا عينى).. وغيرها.
تهافتت السينما على حليم بعد نجاح (على قد الشوق) التى كتبها محمد على أحمد، ولحنها كمال الطويل، العندليب هو صاحب القرار فى اختيار الملحنين والشعراء، كان الاتفاق بين الموجى والطويل وحليم أنهم سوف يواصلون المشوار معًا، استشعروا الخطر فقط من عبدالوهاب، حدث هذا بالطبع قبل أن يخترق عبدالوهاب الستار الحديدى.
أين سمير محبوب من هذا الاتفاق؟ طموح عبدالحليم والموجى والطويل تجاوز مفرداته، هل قدم سمير عددًا من الأغنيات رفضها حليم؟ المنطق يقول نعم، كان يحدوه الأمل أن من كتب (يا مواعدنى بُكرة)، لن يتركه حليم حائرًا فى الحياة الفنية بلا (بُكرة).
بدأ حليم مشواره السينمائى بفيلمى (لحن الوفاء) و(أيامنا الحلوة).. انتقل كل من تعاون معه من أجور الإذاعة الهزيلة إلى السينما، أى تعرفوا لأول مرة على الصفر الذى يأتى على يمين الرقم، 5 من الإذاعة تُصبح 50 فى السينما.. بينما عبدالحليم كان قد توجه إلى عدد من كبار شعراء الأغنية، أمثال مأمون الشناوى ومرسى جميل عزيز وحسين السيد وفتحى قورة، منحوه قطعًا ما هو أفضل.
شاهدت تسجيلًا يعود زمنه لأكثر من 40 عامًا للشاعر مرسى جميل عزيز، قال إنه عندما طلب منه المخرج حلمى حليم كتابة أغنية فى فيلم (أيامنا الحلوة)، وكان وقتها يكتب الشعبيات مثل (يا مزوق يا ورد فى عود) لعبدالعزيز محمود، إلا أن صوت عبدالحليم كان ملهمًا له ليغير موجته الشعرية إلى (يا قلبى خبي/ ليبان عليه/ ويشوف حبيبى / دموع عنيه).
نظلم الحقيقة لو نزعنا عن محبوب الموهبة، إلا أنه لم يكن صاحب بصمة خاصة، حتى الموجى الذى كان مرتبطًا به عندما التقى بمرسى جميل عزيز شكل معه ثنائيًا ناجحًا، وتضاءلت أغنياته مع محبوب، إلا فى القليل، مثل ليلى مراد (أكتب لك جوابات / وأستنى ترد عليه).
كانت الأغنية هى وسيلته للدفاع عن نفسه عندما تقدم للزواج من فتاة بيضاء، رفضوه بسبب لون بشرته كتب (أسمر أسمر.. طيب ماله).
لا أدرى ما الذى كتبه عن العندليب الأسمر، معاتبا أم مغاضبا، عاش أكثر من 20 عامًا فى حياة عبدالحليم، و20 أخرى بعده فى حسرة وندم، لم يقتسم النجاح مع الموجى وحليم، كما كان يقتسم معهما فى بداية الرحلة رغيف العيش وقرص الطعمية وطبق الفول!.

التعليقات