رحيله أحزن الوسط الفني بالكامل.. حكاية أحمد عبدالله "سيناريست السينما الشعبية"

خيَّم الحزن على الوسط الفني بعد إعلان المنتج أحمد السبكي وفاة السيناريست والمؤلف أحمد عبدالله، أحد أبرز كتّاب السينما المصرية في العقدين الأخيرين، الذي ترك وراءه إرثًا فنيًا ثريًا جمع بين الكوميديا الاجتماعية والدراما الواقعية.

جاء رحيل عبدالله بعد أشهر قليلة على وفاة صديقه وشريكه في النجاح، المخرج سامح عبد العزيز، الذي شكَّل معه ثنائيًا استثنائيًا في تقديم أعمال أصبحت علامة بارزة في تاريخ السينما المصرية الحديثة.

ثلاثية النجاح

شهد عام 2008 محطة فارقة في مسيرة أحمد عبدالله، حين التقى بالمخرج سامح عبد العزيز والمنتج أحمد السبكي، ليشكِّل الثلاثي أحد أنجح الفرق الفنية في السينما المصرية.

قدّموا معًا أفلامًا تركت بصمة قوية، أبرزها "كباريه" و"الفرح" و"الليلة الكبيرة"، وهي ثلاثية تناولت الواقع المصري بمزيج من الكوميديا والأبعاد الاجتماعية في معالجة درامية جعلت المشاهد يرى نفسه في كل تفصيلة.

وُلد أحمد عبدالله في حي "بين السرايات" بالجيزة في الأول من أبريل عام 1965، وتخرج في كلية الحقوق بجامعة القاهرة، وهناك بدأت ملامح موهبته في الكتابة المسرحية بالظهور، عبر إعداد نصوص مقتبسة من أعمال عالمية عُرضت على خشبة مسرح الجامعة بتصرفه الخاص، ليتضح مبكرًا شغفه بالكلمة والدراما.

بعد تخرجه، واصل "عبدالله" طريقه في المسرح الاحترافي، فقدم أعمالًا ناجحة من بينها "عالم قطط" و"ألابندا" و"حكيم عيون"، التي عكست خفة ظله وقدرته على صياغة مواقف حياتية بسيطة بلغة مسرحية جذابة.

كاتب السينما الشعبية

اتجه أحمد عبدالله إلى السينما في مطلع الألفية الجديدة، ليصبح أحد أبرز كتّاب الكوميديا الاجتماعية، وتعاون مع كبار نجوم الكوميديا في أعمال شكَّلت ذاكرة لجيل بأكمله، منها "عبود على الحدود" مع الفنان علاء ولي الدين، و"غبي منه فيه" للفنان هاني رمزي، و"يانا يا خالتي" للفنان محمد هنيدي، و"كركر" للفنان محمد سعد.

امتاز أسلوبه بالبساطة والسخرية الذكية، وقدرته على التقاط تفاصيل الحياة اليومية وتحويلها إلى مشاهد تجمع بين الضحك والتأمل.

كما كتب عبدالله المسلسل الاجتماعي "الحارة"، الذي قدَّم صورة واقعية للحياة في الأحياء الشعبية، مؤكدًا أن الدراما ليست مجرد تسلية بل توثيق للوجدان الجمعي.

شاعر الكلمة والسيناريو

بعيدًا عن السينما، كان أحمد عبدالله شاعرًا حساسًا، إذ كتب العديد من القصائد التي جمع بعضها في ديوان منشور، كما كتب أغنيات للمسرحيات التي ألفها، وواحدة من أغانيه غنتها المطربة الراحلة ذكرى، ليؤكد أن موهبته امتدت من السيناريو إلى الشعر والغناء بروح واحدة تنبض بالصدق والإنسانية.

رحيل موجع وإرث خالد

رحل أحمد عبدالله عن عمر ناهز الستين عامًا، بعد رحلة فنية غنية رسم خلالها ملامح الضحكة المصرية الصادقة، وقدّم أعمالًا جمعت الناس حول قضاياهم ومشاعرهم بصدق ودفء.

بوفاته، فقدت السينما المصرية كاتبًا مختلفًا استطاع أن يجعل الكلمة بطلًا في حد ذاتها، وترك خلفه سجلًا من الإبداع سيبقى شاهدًا على أن الفن الحقيقي لا يموت برحيل صاحبه.

 

التعليقات