كل سنة وانت طيبة يا مولاتي

كل سنة وأنتم طيبين في اليوم العالمي للإذاعة

تقف الإذاعة المصرية شامخة بكل ما قدمته منذ إنشائها رسميا في عام 1934، حيث بدأت بثها تمام الساعة الخامسة والنصف مساء يوم 31‏ مايو بآيات من الذكر الحكيم بصوت الشيخ محمد رفعت، وتلاها صوت الآنسة أم كلثوم التي تقاضت 25 جنيهًا نظير إحيائها للافتتاح، وغنى أيضًا في ذلك اليوم المطرب صالح عبد الحى، ثم المطرب العظيم الموسيقار محمد عبد الوهاب.

أول ادراكي للإذاعة هو صوت المذيعة العظيمة فضيلة توفيق أبلة فضيلة والمذيع الكبير محمد محمود شعبان بابا شارو ثم تأتي صفية المهندس التي كانت تقدم إلى ربات البيوت وتُعدّ أول صوت نسائى إذاعي انطلق، ليس في الإذاعة المصرية فحسب بل في الشرق الأوسط كله. وكلما زاد وعيي تعرفت على برامج أخرى منها البرنامج الموسيقي الذي عرفني على كل أنواع الموسيقى ونما حسي بها دون كلام، ثم حين أضاف برنامجًا لشرح المفردات والمصطلحات أضاف عمقا معرفيا لم أكن لأصل إليه من دونه. ومنه إلى البرنامج الثاني الذي نقل المسرحيات العالمية وعرفنا على كبار المسرحيين من إخراج بهاء طاهر ومناقشة الكتب واستضافة المبدعين. وراحت الإذاعة تجذبني إليها في كل وقت فتعرفت على سامية صادق وبرنامجها فنجان شاي وأحسن القصص البرنامج الذي شرح في دراما رمضانية قصص القرآن الكريم فأبدع بغموضه تصوير سيرة الأنبياء.

ولم يكن من السهل تجاهل اشهر البرامج في صباي برنامج على الناصية لآمال فهمى التي التقت بالكثير من الشخصيات العادية على اختلاف مستوياتهم وشرائحهم، ثقافيًّا وسياسيًّا واجتماعيا إلى جانب المثقفين والسياسيين والعلماء، وكذلك فوازير رمضان التي كنا نلتف حولها كبيرا وصغيرا وحين عملت في مجلة الإذاعة والتليفزيون بعد سنوات كانت المجلة توزع كوبونات الفوازير وهي شرط دخول المسابقة وتطبع 150 الف نسخة في وقت لم تكن المجلات تطبع اكثر من 10000 نسخة أو أقل.

من ينسى فهمي عمر الإذاعي الكبير أو أحمد سعيد الذي رأس إذاعة صوت العرب في عهد عبد الناصر أهم الاذاعات العربية التي ينتظرها الشارع العربي في الوطن من المحيط إلى الخليج وجلال معوض ونقل حفلات أم كلثوم ومديحة نجيب رئيسة إذاعة الشرق الأوسط وبرامجها الدينية أو مشيرة نجيب وبرنامجها الأشهر للنساء فقط  والعظيمة سناء منصور وتقديمها المختلف ونادية صالح وزيارة لمكتبة فلان وضحكة ايناس جوهر الشهيرة التي كسرت بها الرسمية في الأداء ومرفت رجب وبرامجها الثقافية والشاعر الكبير فاروق شوشة وبرنامجه لغتنا الجميلة أو حمدي الكنيسي الذي نقل إلينا أحداث حرب أكتوبر وهدى العجيمي والأدباء الشبان وrequest سمير صبري وبرنامج أغاني وعجباني الذي مازال يبهر المستمعين حتى الآن، ووجدي الحكيم أحد أهم المهتمين بالموسيقي والغناء وأحد رعاته في مصر، وسمية البسيوني وحلمي البلك في نشرات الأخبار وعمر بطيشه ونادية مبروك ونجوان قدري وعذرا لعدم ذكري لجيش من المذيعين ممن سمعتهم وممن رحلوا مبكرا أمثال أحمد سالم الذي نطق بأول وأجمل جملة بصوته الرائع: هنا القاهرة ومحمد فتحي الذي تميز بحلاوة صوته فأطلاق عليه لقب "كروان الاذاعة المصرية".

لعبت الإذاعة دورا تنمويا عظيما في وقت كانت نسبة الأمية تزيد عن 50% من سكان مصر نشرت مبادئ الدين الإسلامي الحنيف والعلوم من خلال استضافة كبار العلماء والفنون الراقية سواء بنقل المسرحيات والأفلام أو إنتاج المسلسلات واكتشاف الأصوات فقدمت عبد الحليم حافظ وغيره من كبار الفنانين بعد ذلك ونقل مباريات كرة القدم والحشد للقضايا القومية وأداء دور كبير في نشر وجهة النظر المصرية والعربية باللغات المختلفة إلى كل أنحاء العالم من خلال قسم الإذاعات الموجهة للرد على الادعاءات الإسرائيلية وغيرها من البلاد التي تبث الأكاذيب حول قضايانا الكبرى وتبني قضايا السودان: ركن السودان،  والجزائر وفلسطين.

كم أنت عظيمة يا إذاعة مصر تحية لك في عيد الإذاعة العالمي فقد نمت خيالنا، وأتحدى أن نرى أي أسطورة مثل ألف ليلة وليلة في فيلم أو مسلسل كما قدمتها الإذاعة من تأليف طاهر أبو فاشا وإخراج محمد محمود شعبان وأداء زوزو نبيل في دور شهرزاد ومحمود الزرقاني في دور شهريار، فلم تأت أي وسيلة بما وهبه الله للإنسان من خيال استخدمته الإذاعة لتقدم لنا أداءً خالدا لأشهر فنون العصر ألف ليلة وليلة والديك يصيح وصوت زوزو نبيل يقول: مولاي.

** عن المشهد..

 

التعليقات