الوعي الإعلامي

قناة القاهرة الإخبارية قناة مصرية أثبتت تميزها وتفردها خلال الأحداث الأخيرة فى حرب غزة، خاصة أنها طورت من آلياتها وطرحها، واستطاعت أن تواكب جميع المتغيرات التى حدث على الساحة السياسية والإعلامية وغيرت وجهة العالم خاصة تلك الأنظمة العنصرية ومن يرعى الإرهاب الحقيقى وأطماع الغرب وازدواجية المعايير وحقوق الاستعمار القديم، وقد عاد بأوجه مختلفة أعلنت عنها تلك الحرب التى هى حرب للإبادة الجماعية لأهلنا فى فلسطين... القناة الإخبارية المصرية استضافت خبراء وأساتذة وإعلاميين وسياسيين من خارج مصر وداخلها، وكان لضيوف الداخل حظ وافر من المعلومات التى تمدهم بها الأجهزة المعنية ما أضفى الكثير من المصداقية وأظهر موقف مصر بصورة واعية إلى حد كبير، وتعاملوا كمتحدث رسمى، كما كان هناك عمل ميدانى إعلامياً على أرض المعركة ومراسلون وتصوير ولقاءات حية، بالإضافة إلى منهج متميز من الأفلام الوثائقية القصيرة عن مناطق وبلدان وقضايا تاريخية تخص هذه البؤرة الحية للصراع العربى الإسرائيلى الإقليمى...

الوعى الإعلامى قضية مهمة لم تعد ترفاً أواستثماراً أو مجرد وسيلة ترفيه أو عملاً موجهاً لقضايا بعينها أو عملية إلهاء وتسطيح للفكر والتحكم فى المتابعين والمشاهدين أن الإعلام الجديد الذى ظهر حديثاً كبديل للكثير من الوسائط الإعلامية القديمة صار إعلاماً جديداً علينا دراسته ومتابعته والتواصل مع معطياته وآلياته حيث إنه إعلام قد غيَّر الوعى الجمعى الدولى والعالمى على المستوى الشعبى فى المقام الأول، كما استطاع أن يغير المواقف الدولية على المستوى الثانى من خلال التوثيق الحى بالصوت والصورة وأيضاً المتابعة والنشر والتعليق ومعرفة بوصلة الرأى العام فى بلدان عدة...

الإعلام الجديد متعدد الوسائط ولم تعد للصحف وحدها المكانة الأولى، وإن كانت لم تزل توثيقاً وتحليلاً وفكراً تستطيع أن تتعامل وتستفيد من الوسائط الإعلامية الجديدة وتقدم أطروحات فكرية وآراء علمية ومتخصصة تتابع وتحلل وتدرس كل ما يقدمه الإعلام الجديد داخلياً وخارجياً على مستويات متعددة، فالصحافة القديمة عليها أن تتغير لتكون صحافة سباقة بالمعلومة والخبر والتحليل الذى تفتقر إليها الوسائط الإعلامية الجديدة من تويتر إلى فيسبوك وتليجرام وإنستجرام وتيك توك فكلها وسائط بحاجة إلى دراسة وضبط إيقاع وسلوك ومواكبة فى التحليل والنقد والفكر ومجموعة من القوانين والمعايير الإعلامية والقانونية الحاكمة التى لا يتحكم فيها مجرد المستخدم أو مجموعة الكتائب الإلكترونية فى طرح الشائعات أو توجيهه ممنهج للرأى العام أو نشر صورة مفبركة وغيرها من وسائل الاحتيال الفكرى من خلال إعلام مغلوط، لذا فإنه يتحتم على كليات وأقسام الإعلام والآداب والحاسبات أن تبدأ متابعة ما يجرى وطرح برامج جديدة للإعلام الجديد تعتمد على ما جرى وحدث من تقنيات وتكنولوجيا متطورة علينا جميعاً أن نسبق الحدث لا أن نكون ردة فعل.

إن التغير والتطوير العلمى والفكرى يحتاج إلى ثورة تعليمية أكاديمية تقبل بالجديد وتعترف بأن الوعى الإعلامى تغير تماماً من جريدة وصورة متداولة أو برامج تليفزيونية أو إذاعية معادة تنشر أخباراً تم تداولها عبر عدة منصات إعلامية ميسورة التداول والتفاعل.. فلنبدأ الآن بسرعة فى تحديث مجالات الدراسات الإعلامية التى تمزج الثقافة باللغة بالاجتماع بالتكنولوجيا بعلم النفس بالسياسة قبل الاقتصاد والأمن.. إنه الوعى الإعلامى الذى غير وسوف يغير موازين الكثير من القوى الفكرية والحضارية فى العالم الجديد..

* نقلاً عن الوفد..

 

التعليقات