حيرة العلماء أمام معجزة

معجزة المعاقين ذهنيًا أذهلت عقول العلماء، في إحدى مسابقات دبي لحفظ القرآن الكريم اجتازها بجدارة الطفل أحمد مسلم المعاق فكريًا، كذلك أبدى أعضاء لجنة التحكيم والمتسابقون الأسوياء بالغ تقديرهم لتفوق الطفل المصري في حفظ معاني آيات الذكر الحكيم باللغتين الإنجليزية والفرنسية، نفس الأمر المحير للعلماء كان في تفسير قدرة الطفل الفلسطيني خالد أمجد المريض بضمور في الدماغ والعضلات على حفظ كتاب الله كاملا وإتقان أحكام التلاوة.
 
ولن ينقطع عن الوجود ولادة عباقرة في حفظ القرآن الكريم، سواء في أعمار صغيرة أم معاقين، ومازالت الفضائيات والصحف تعلن عن جوائز التفوق في حفظ آيات الذكر الحكيم لأطفال معاقين ذهنيًا، يستحقون أن نطلق عليهم لقب ذوي الهمم، فالإعاقة لم تكن يومًا حائلًا عن حفظ آياته الكريمة، بل يتخطون معجزة حفظها ويتدبرون معانيها، ونزلت سورة عبس كدرس لكل مسلم بالاهتمام بكل ذي إعاقة.
 
لا تسير حياتهم طبيعية إلا باعتمادهم على الآخرين، وفي ذات الوقت لا يخبو عنهم الإصرار لحفظ القرآن عن ظهر قلب، ولا تعني إعاقتهم الفكرية أنهم يفتقدون الوعي تمامًا، وحفظهم لكتاب الله وجولاتهم في توضيح معانيه، يدل على امتلاكهم لدرجات من الوعي، وإيمانهم الفطري بالخالق يدفعهم لحب سماع القرآن الكريم وترديد آياته، وكانت بداية الطريق لهم في حفظ آياته، فحفظوها عبر المذياع والتلفاز ومن خلال تلقين مشايخهم، وهذا الوعي جعلهم يتغلبون علي فقد البصر أو على عجزهم الفكري.
 
رغم جهل المعاق ذهنيًا للحروف والكلمات فلن تنحني عزيمته عن مواصلة الحفظ، إنها عزيمة خفية يحاول العديد من العلماء أدراك ماهيتها ومكوناتها، وخرجت جميع نتائج الدراسات بحقائق لا تدعو للشك، تؤكد تمتع ذوي الهمم الفكرية بمواهب وقدرات خاصة على الرغم من تدني مستوى الذكاء لديهم.
 
الخبير الأمريكي "دارولد تريفيرت" أستاذ الطب النفسي عكف على دراسة متلازمة العباقرة، وأصابته الدهشة للمهارات الفائقة للمعاقين ذهنيًا، ويقول إن المواهب يمتلكها جميع الناس، غير أنها تزيد حدتها لدى المعاقين عقليًا، وتقل حدتها لدى الموهوبين ومرتفعي الذكاء.
 
يوضح العالم النفسي تريفيرت تعدد ملكات القدرة العقلية وتباينها واستقلالها، وأكد حديثه دراسات الجمعية الأمريكية للإعاقة الفكرية، وأظهرت نتائجها عن توافر مواهب متعددة عند المعاقين ذهنيًا بغض النظر عن مستوى ذكائهم.
 
وتتباين آراء العلماء حول مستوى ذكاء ذوي الهمم العقلية، ويعتبر بعضهم أن الموهبة أحد مخرجات الذكاء البشري، وفريق آخر يفصل بين الإبداع والذكاء، وأغلب الأبحاث تشير إلى تمتعهم بدرجات متفاوتة من الذكاء، ويجتهدون على قدر إمكاناتهم الذهنية والجسدية، وأوصت بضرورة تأهيل المعاقين فكريًا وتدريبهم بواسطة الوسائل العلمية الحديثة، وأثبتت قدرتها على اجتيازهم لمراحل عمرية في زمن بسيط، وتفوقت على بطء طرق التعليم القديمة.
 
معجزة حفظ المعاقين وتفوقهم في أداء مواهب مختلفة دلالة على أنها آيات من الله، كما جاء في قوله تعالى: "سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الْآفَاقِ وَفِي أَنْفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ"، وقال تعالى: "فَإِنَّهَا لَا تَعْمَى الْأَبْصَارُ وَلَٰكِن تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ".
 
 
المقال/ حسين خيري
بوابة الأهرام
التعليقات