بطل لم يهزمه الذهب والشهرة والمال

قد لا يكون «إليود كيبشوجى» من الأسماء المتداولة في فضاء الرياضة المصرية، رغم أنه أعظم وأشهر لاعب في العالم في كل تاريخ سباقات الماراثون، وسبق أن كتبت عنه منذ ثلاث سنوات حين أصبح أول إنسان يكسر حاجز الساعتين في أي سباق للماراثون، ولا أكتب عنه اليوم بعد خسارته المفاجئة في ماراثون بوسطن الشهير منذ أيام.. إنما أكتب عن الإنسان حين يبقى إنسانا لا يغيره نجاح أو مال أو شهرة.

فقد بدأ إليود حياته طفلا يتيما يعيش مع والدته في قرية كابسى سيوا غرب كينيا، وحين التحق إليود بالمدرسة كان عليه أن يَجرى ثلاثة كيلومترات حتى المدرسة ذهابا وإيابا كل يوم.. وبعد أن أنهى دراسته الثانوية كان عليه أن يقود دراجة نارية 40 كيلومترا كل يوم ليذهب إلى المدينة ويبيع اللبن ليساعد والدته على تحدى الفقر والحياة الصعبة.. ولم تسمح له الحياة الصعبة بالتفكير في سباقات الجرى أو الرياضة كلها، حتى التقى مصادفة بباتريك سانج، بطل الجرى الكينى السابق الفائز بميدالية أوليمبية فضية في برشلونة 1992، وقال له باتريك إنه موهوب بالفطرة، ولكن لابد من برنامج إعداد يومى ليصل لدرجة المنافسة وخوض السباقات.. ولأن الشاب الفقير البالغ من العمر وقتها 18 عاما لا يملك قلما وورقة، فقد اضطر للكتابة على ذراعه وعاد إلى البيت حالما بخوض سباقات الجرى.. ولم يتوقع إليود أن تمنحه الحياة أكثر وأجمل مما كان يحلم به.. وفى أقل من سنة، لم يصبح إليود فقط بطلا لكينيا، وإنما فاز أيضا بأولى بطولاته الدولية.. وتوالت بعدها بطولات عالم وميداليات أوليمبية في أثينا 2004 ثم بكين 2008 في 5000 متر.. وحين فشل إليود في التأهل لدورة لندن 2012، قرر التحول لسباقات الماراثون.

 

 

وبالفعل، فاز بكل ماراثون خاضه وميداليتى الذهب في دورتى ريو دى جانيرو ثم طوكيو.. وأصبح ولايزال هو البطل الأشهر لسباقات الماراثون في العالم وفى التاريخ أيضا.. وجاءت الشهرة والمكانة العالمية ومعها الثروة والمكاسب الهائلة أيضا، سواء مكافآت الفوز أو الرعاية والإعلانات، وبات من المتوقع أن تتغير حياة البطل العالمى، لكنه بقى كما هو ورفض كل العروض والإغراءات للإقامة في أوروبا أو الولايات المتحدة أو حتى في العاصمة الكينية نيروبى.. بقى في مزرعته الصغيرة، حيث بدأ الحياة مع والدته، لا يترك بيته إلا للمشاركة في السباقات والبطولات.

 

 

حتى حياته نفسها لم تتغير بكل تفاصيلها الصغيرة. لايزال يشارك الآخرين تنظيف بيته ويأكل نفس طعامهم ولا يهرب أو يريد نسيان سنين الفقر والحرمان، وأكد أكثر من مرة أن المال لا يعنى له أي شىء، لكنه بقى يجرى فقط ليثبت أن الإنسان يستطيع تحقيق أي حلم إذا أراد، وكان على استعداد للتضحية ليحقق ما يحلم به.. ولم يكتف إليود بذلك إنما يقوم باستضافة وتدريب الكينيين الصغار ويفتح لهم أبواب الحلم والبطولات.

 

المقال/  ياسر ايوب 

المصرى اليوم

التعليقات