حرب النساء ضد من كانوا رجالًا

يسألنى عدد كبير من الأصدقاء والقراء الأعزاء عن سبب ابتعادى أخيرًا عن ملف المرور وقواعد السير، أو بالأحرى لا قواعد السير.
 
في مارس 2022.. قرر شاب أمريكى في الخامسة والعشرين من عمره، ويعيش مع أسرته في سان دييجو بولاية كاليفورنيا، إجراء جراحة ليتحول إلى امرأة اسمها ديلان مولفانى.. وأصبحت ديلان ممثلة تعيش في لوس أنجلوس وواحدة من مشاهير السوشيال ميديا الأمريكية، واستقبلها الرئيس الأمريكى بايدن في البيت الأبيض.. ولم تكن هناك أي مشكلة في مجتمع أمريكى بات يمنح أفراده حريتهم المطلقة في أن يكونوا نساء أو رجالًا وأسوياء أو مثليين.. ولم تبدأ الأزمة الحقيقية إلا منذ أيام قليلة، بعد عرض إعلان عن ثياب رياضية نسائية جديدة لشركة نايكى قامت بعرضها ديلان.
 
فالمجتمع الأمريكى ليس متسامحًا إلى هذا الحد الأقرب للعبث.. وبدأت أمريكيات كثيرات يرفضن وينتقدن ويسخرن من نايكى وإعلانها وأن الشركة الأمريكية الكبيرة لم تعد تجد رياضيات أو حتى نساء عاديات لتسويق ثياب رياضية نسائية جديدة إلا من خلال امرأة هي في الأصل رجل.. وتخيلت نايكى أن هذا الهجوم والانتقادات والسخرية هي مجرد أزمة مؤقتة وستخمد بسرعة نيرانها، إلا أن ذلك لم يحدث.. ففى مساء الخميس الماضى.. وفى جامعة سان فرانسيسكو.. ألقت السباحة الأمريكية ريلى جينز خطابًا عاصفًا وغاضبًا هاجمت فيه إعلان نايكى واختيار رجل سابق للإعلان عن ثياب رياضية نسائية جديدة، منها حمالات صدر رياضية.. ولأن خطاب ريلى كان واقعيًا ومنطقيًا فقد تم الاعتداء عليها بالضرب فور الانتهاء من خطابها.. وكان المشهد فاضحًا لكثيرين.. فالذين يطلبون الحرية لأنفسهم ليسوا على استعداد لأن يمنحوا غيرهم حرية الرفض والاعتراض.. وتحولت معركة جامعة سان فرانسيسكو إلى نقطة فاصلة.. فقد تضامنت مع بطلة السباحة الأمريكية كثيرات جدًا رياضيات وغير رياضيات.
 
وكان العدد يكبر مع كل ساعة تمر.. ولم يعد الأمر يقتصر على الولايات المتحدة فقط.. فقد أعلنت البريطانية شارون ديفيز تضامنها مع الأمريكيات الثائرات والغاضبات.. ولأن شارون بطلة سباحة أوليمبية وعالمية لها شهرتها ومكانتها فقد كان لدعوتها مقاطعة نايكى صد هائل لم تتوقعه نايكى أو المدافعون عن حق المتحولين جنسيًا في المشاركة الرياضية.. وكانت ثورة النساء بعد هذا الإعلان فرصة جديدة لفتح ملفات قديمة تخص هذه القضية.. إذ إنه وفقا لكل المعايير والقواعد الطبية والرياضية لا يمكن للمرأة منافسة الرجل في القوة والتحمل والسرعة حتى لو ارتدى الرجل ملابس نسائية.. ورغم موافقة اللجنة الأوليمبية الدولية على مشاركة هؤلاء المتحولين في دورة طوكيو الماضية لم تتوقف صرخات الرفض والغضب.
 
واستجابت ولايات أمريكية كثيرة لهذه الصرخات ورفضت مشاركة الرجال المتحولين في المسابقات الرياضية النسائية.. وبدأت اتحادات رياضية دولية تستجيب أيضًا لصرخات الرياضيات وتمنع مشاركة الرجال المتحولين في مسابقات النساء مثل اتحاد السباحة واتحاد الدراجات.. وبينما لا يزال الفيفا يدرس الأمر.. قرر الاتحاد الدولى لألعاب القوى- منذ أسبوعين فقط- منع الرجال المتحولين من منافسة النساء في ألعابهن.. ولا تزال الحرب مستمرة ولم يعد المجتمع الغربى متسامحًا بما يكفى ليقبل ذلك.
 
 
المقال / ياسر أيوب 
المصرى اليوم 
التعليقات