أعراض مَرَضية .. وما يحدث فى بورسعيد

خابت توقعاتى باختلاف مظاهر الاحتفالات بالشهر الكريم التى غلبت عليها أعداد كثيرة من المسلسلات والإعلانات التى يتسابق على الظهور فيها نجوم لا أظن أنهم فى حاجة إلى تدفق أموال الإعلانات. لقد اعتقدت أن الأزمات والتحديات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والإنسانية والثقافية وما تعانيه الإنسانية على مستوى العالم كله ستفرض متغيرات جذرية حتى فى الإمتاع والتخفيف تراعى ما وصلت إليه أحوال العالم من أزمات وكوارث ومهددات!.
 
> هذه ملاحظة مبدئية لا تعنى حكما نهائيا خاصة أن متابعة جميع ما يقدم مستحيلة وإن كنت لا أنسى تحية لإعادة تقديم مختارات منتقاة من كنوز مكتبة الإذاعة على موجات البرنامج العام فى مقدمتها متابعة تقديم حلقات الظاهر بيبرس التى كتبها المبدع الكبير بيرم التونسى وأخرجه مبدع كبير آخر هو السيد بدير رحمة الله عليهم جميعا وللتذكرة فقد مرت بنا يوم 4 رمضان عام666 هـ الموافق 18 مايو 1268م ذكرى تمكن المسلمين بقيادة الظاهر بيبرس من تحرير مدينة أنطاكية بسوريا من الصليبيين بعد أن امتد احتلالهم لها إلى 170 عاما وقد عرض عليهم بيبرس التسليم بالتفاوض ودون خوض حرب فلم يستجيبوا فهاجم المدينة وفتحها فطلبت قوات الحامية مع استسلامهم أن يؤمنهم بيبرس فأمنهم بما اشتهر عنه من أخلاقيات وإنسانيات.
 
> وأبدأ بتحية لأجمل الطقوس والعادات الرمضانية وفى مقدمتها التراحم والإحساس بالمسئولية المجتمعية ومحاولة تطويرها ومضاعفتها ولتكون أكثر احتراما لإنسانية وكرامة الأكثر احتياجا لتقديم جميع أشكال المشاركة والمقاومة والتخفيف عنهم وينضم إليه ما تتخذه الدولة من توجهات وقرارات وسياسات خاصة ما يرتبط بالتخفيف عن جموع وملايين المواطنين لم يعودوا هم فقط تحت خطوط العوز وإنما انضم إليهم أغلب من كانوا يحسبون فى الطبقة الوسطى. والانتباه إلى مجموعة من الأعراض المرضية التى تصنع فجوات ومسافات واسعة بين أهداف وسياسات التخفيف وبين حدوثه بالفعل. ولنأخذ أقرب مثال فى الدعوة الرئاسية لتحسين ورفع مستوى الخدمات الصحية التى تقدم للمواطنين وتطوير منظومة هذه الخدمات وارتبط بالدعوة تطوير معهد ناصر ومجموعة من المستشفيات الرئيسية وإنشاء مجمع للصحة النفسية.
 
وأرجو ان تكون هذه الدعوة لتطوير المنظومة الصحية تعود إلى إدراك للفجوات والمسافات الواسعة بين أهمية حدوث هذا التطوير للمنظومة الصحية وتحققه بالفعل فى الخدمات التى تقدم للمرضى وبين ما يحدث على أرض الواقع ومدى حجم المعاناة التى يلاقيها المواطن فى الحصول عليها وما تدل عليه الشواهد الواقعية من أشكال معاناة المواطنين وعجز الكثيرين عن الحصول على الخدمات المقررة لهم.
 
لذلك أتمنى أن يكون جزءا أساسيا من تحسين وتطوير المنظومة الصحية ولجميع الخدمات التى تقدم للمواطن وجود أنظمة متابعة لأشكال التطبيق والتنفيذ حتى لا تتسع الفجوات والمسافات بين ما يجب أن يتحقق لخدمات كثيرة من تطوير وبين ما يحدث بالفعل ويعيشه المواطن من معاناة تجعله عاجزا عن الحصول عليها أو لا تكون بالجودة التى يجب أن تكون عليها وفى مقدمة من وصفوا تراجع الخدمات الصحية أستاذ الباطنة والسكر الكبير د. صلاح الغزالى الذى وصف الإصابة بحالة مرضية مفاجئة بالدخول فى نفق مظلم لا يعلم كيفية الخروج منه الا الله ـ إنها شهادة من أهلها ومن أستاذ من أساتذتها وكذلك ما نشرته صحيفة فيتو 28/2 عن رحلة عذاب مرضى المناعة على أبواب المستشفيات الحكومية والمؤشرات المؤسفة والمؤلمة لهجرة أعداد كبيرة من الأطباء خلال السنوات الثلاث الماضية!! فهل تستطيع الدعوة التى أطلقت الاثنين 27 مارس لتحسين جودة الخدمات الصحية للمواطنين أن تصنع تغييرا حقيقيا فى حياة المريض والطبيب ومستويات العلاج ونفقاته ودخول الأطباء والتعليم الطبى مع تحية لكفاءات أطبائنا شيوخا وشبابا وأرجو أن تكون الدراسات النفسية من الدراسات الأساسية لأطباء المستقبل خاصة أن الأمراض النفسية من أخطر ما تنتشر أعراضه الآن والالتفات إلى ما قاله أستاذ القلوب الكبير .د.مجدى يعقوب أن انكسار القلوب ومرضها نتيجة الحزن والاكتئاب حقيقة علمية.
 
> دعوات بالشفاء من جميع أمراضنا ومن أخطرها الفجوات الواسعة والمسافات بين ما يعلن عنه من سياسات وتطوير للخدمات وبين ما يحدث وينفذ بالفعل ويعيشه المواطنون وألا تقوم الأجهزة المسئولة بمتابعة مستويات التطبيق والحساب والعقاب. لن تسمح المساحة المتبقية من المقال لمثال آخر عن المسافات بين ما ينتظر المواطن أن يتحقق لتخفيف أعباء الحياة عنه وبين ما يتحقق بالفعل فيما تكرر إعلانه عن إستراتيجية وطنية لكبار السن وإصدار الدولة لقانون يكفل حقوق المسنين.
 
> وفى إطار المسافات الواسعة وعدم تطابق كثير من التوجهات المهمة للدولة مع التطبيق ومع ما ينتظره المواطن أو يطلب تعجيله أو تحقيقه وفى إطار ما أعلن عنه مجلس الوزراء من تدشين منصة حوار للاتصال بين الحكومة والمواطنين وتحقيق التفاعل الواجب مع مطالب المواطنين أتساءل عما كتبته طوال الأسابيع الأخيرة عن نداءات أبناء بورسعيد لإعادة بناء متحفهم القومى فى مكانه الذى خصص منذ سنوات لبنائه وعدم هدم مساكن أبناء منطقة الجميل وإقامة مشروعات استثمارية وأبراج سكنية مكانها.
 
وهى أماكن استشهد فيها الآلاف من الشهداء فى أثناء مقاومة عدوان 1956 لإثبات المصداقية فى التفاعل المجتمعى والاستجابة لما يطرح على المنصة، التى أعلنها مجلس الوزراء فى فبراير الماضى لمعرفة مطالب المواطنين وإدراك ما يترتب على عدم الاستجابة لها من تهديد للسلام الاجتماعى.
 
المقال / سكينة فؤاد
الأهرام
التعليقات