الحوار الوطنى والحلقة المفقودة

فى 28 إبريل 2022، كتبت السطور التالية عقب تشرفى بحضور حفل إفطار «الأسرة المصرية» فى رمضان الماضى. كنت سعيدة جدًّا لنعمة الاختلاف وعدم التطابق، حيث حضور الإفطار الذى دعا إليه الرئيس السيسى كان بالغ التنوع. ولأننى أدرك أن التنوع بات يُقلق قطاعًا من المصريين، الذين وقعوا أسرى الفكر الدينى الرجعى والمتزمت والمنغلق، الذى بزغ نجمه فى السبعينيات، فقد رأيت فى تنوع الإفطار بادرة أمل لاسترداد نعمة الاختلاف، فزرع فكرة أن جميعنا يجب أن نرتدى الملابس ذاتها، ونُتمتم بالكلام نفسه، ونفكر التفكير ذاته، ويتلون إيماننا وتديننا بالألوان التى حددتها نسخة تدين السبعينيات، أثر على كل مناحى الحياة، وصارت التعددية، حتى فى التوجهات السياسية، تُشعر كثيرين بالخطر. وقتها، كتبت أن الحضور اللافت لعدد من الرموز السياسية المعارضة، التى انزوت أو توارت بعيدًا عن الأنظار فى السنوات القليلة الماضية، هو عودة للطبيعة واستعادة لعافية مصر التعددية. فى ذلك الإفطار، تحدث الرئيس السيسى عن قضايا شتى، كما أخبر الجميع بسلسلة من القرارات المهمة، توقفت عند ما يتعلق بـ«التعددية السياسية» فيها.
 
بدء حوار سياسى مع الأطياف المختلفة يعنى أن هناك نية لتوسيع قاعدة المشاركة السياسية. ورأيت أن هذا ما تستحقه مصر بالفعل، وأن ذلك من شأنه أن يقوى هامش الثقة بين المواطن من جهة والحكومة والرئاسة من جهة أخرى. وفى 13 سبتمبر من العام نفسه 2022، كتبت أن طول الفترة التى استغرقها الإعداد للحوار جعل البعض يملّ، والبعض الآخر يخشى توسع الحوار لدرجة استحالة الخروج بحوار من الأصل، وفريق ثالث انتهزها فرصة ذهبية للصيد المعتاد فى المياه العكرة. وكتبت أنه بمتابعة أخبار التجهيز للحوار، اتضح أنه أوسع وأكبر بكثير مما تخيلت الغالبية. اتسع لدرجة أنه تطلب لجانًا رئيسية وأخرى فرعية ومجلس أمناء وملفات وأقسامًا وغيرها، وهذا عظيم. وعبرت أن تخوفى أن تتسلل سمة الكيانات الكبرى ببيروقراطيتها وأحجامها الكبيرة الثقيلة إلى هذه الفكرة العظيمة الوليدة، فتُكبلها وتعرقلها. وتساءلت وقتها عما إن كان يمكن أن يشرح أحد للمصريين المقصود والمرجو من «الحوار الوطنى» حتى لا نفقد شغفنا وإيماننا به. واليوم، تواتر أنباء «الحوار الوطنى»، وعناوين مثل «انطلاق جلسات الحوار الوطنى فى مايو القادم» و«انتهاء مرحلة التحضير والاستعداد للانطلاق» و«مدونة سلوك الحوار الوطنى تضع المحددات الأخلاقية للجلسات» وغيرها يعطينا الأمل بأن الحوار الوطنى سيشهد حراكًا ما فى المستقبل القريب. أعلم بالطبع أن أى فعالية تحتاج تجهيزًا وتدبيرًا، فما بالك بحوار وطنى يشمل كل الأطياف؟، ولكن كثيرين كانوا قد نسوا أن هناك حوارًا وطنيًّا من الأصل، والبعض الآخر يشعر بتخوف من توسع الكيان واللجان. وربما حَرِىٌّ بالحوار أن يبنى حلقة وصل مع الشارع، وهى الحلقات التى أشرنا إليها فى مقالات سابقة لتوثيق الصلة بين المواطن وأجهزة الدولة والحكومة، لعلها تكون فاتحة خير.
 
المقال/ أمينة خيري 
المصرى اليوم
 
التعليقات