من جاور الحداد اكتوي بناره

حالة الهجوم القاسي الذي تعرضت له الفنانة مني زكي خلال الأيام الماضية من رواد السوشيال ميديا بسبب صورة الشخصية التي تقدمها في مسلسلها الرمضاني " تحت الوصاية " حيث أتهمها متابعي مواقع التواصل الإجتماعي بتشويه صورة المرأة المحجبة ، هذه الحالة لن تكون الأخيرة في حياة الفنانيين وهم الذين سمحوا للسوشيال ميديا بأن تتغول في حياتهم ، بل وتعطي لنفسها الحق في الاشادة بهم وأيضا انتقادهم ، رغم علمهم أن السوشيال ميديا " كذبة كبيرة " ولكن كان لديهم الاستعداد لتصديق هذه الكذبة ، فطالما سمحت للآخرين أن يشاركونك تفاصيل حياتك وتفرح عندما يشيدون بك ، فعليك كفنان أن تتقبل ردود أفعالهم سلبا وايجابا ، فمع انتشار السوشيال ميديا وصفحات التواصل الاجتماعي خلال السنوات القليلة الماضية أرتمي الفنانيين في احضانها وأصبحت الوسيلة الوحيدة التي يطلون من خلالها علي جمهورهم ومشاركتهم كل تفاصيل حياتهم وإلتف الجمهور حولهم بعبارات المديح والاشادة ، حتي لو كانت الأعمال التي يقدمونها ضعيفة او دون المستوي وهذا أرضي غرور البعض منهم ، والإنسان بطبعه يميل إلي من يمتدحه ويثني عليه حتي لو كان لا يستحق ، لدرجة أن هناك بعض الفنانيين كانوا يتباهون بنجاحهم وردود الأفعال علي أعمالهم التي تكتب علي صفحات التواصل الاجتماعي رغم علمهم أنها " أكذوبة كبري " فالاراء التي تكتب عليها مجرد اراء شخصية فيها كثير من المجاملات، فهنا تكون السوشيال ميديا " حلوة " علي قلوبهم ولكن عندما تكشرعن انيابها وتشن هجوما أو تنتقد عملا او ادءا أو تطلق اشاعة يغضب منها هؤلاء الفنانون، ويتهونها بالهجوم عليهم .
لقد افسدت السوشيال ميديا الفن والفنانيين عندما أصبحت الأراء الشخصية ذات أهمية كبيرة لدي الفنان رغم أنه يعلم أنها كاذبة وفيها الكثير من المجاملات والنفاق الاجتماعي .
وفي ختام مقالي ولن أجد أصدق وصف للسوشيال ميديا وتأثيرها علي الفن وصناعة أكثر مما قاله المخرج الكبير محمد ياسين حيث قال " الامر يشبه القنبلة " فتلك المواقع سمحت أن يكتب كثيرون اراءهم عبر صفحاتهم وهذا جيد إلي نقطة معينة ، ولكن الخطورة بدأت عندما أصبحت الأراء الشخصية عبر تلك المواقع تشكل رأيا عاما ، فمثلا ممثل ضعيف جدا ولا يملك أية قدرات وبسبب كتابات بعضهم عبر صفحات التواصل الاجتماعي يصبح ظاهرة خلال ستة أشهر او أقل .
ويكمل :" أحيانا ننام ونصحوا في يوم وليلة لنجد فنانا عاديا أصبح نجما بل ظاهرة ، أو نجد عملا لاقيمة له يوصف بأنه سيكسر الدنيا ، وبكل أسف أصبحنا عبيدا ليسيطر الرأي العام علينا لدرجة أن بعض الناس التي تفهم جيدا وتقيم السينما والفن عندما يجدون ممثلين وأعمالا باتوا ظواهر و" تريند " ولا ترقي للجودة ، يشعر هؤلاء بالحرج من التصريح بالحقيقة وأن العمل سئ ، وزاد الطين بلة أن هناك حالة من الاختفاء لنقاد متخصصيين ومهمين في السينما ومن المهم جدا وجود أشخاص قادرين علي الفهم والتميز والتقدير .
وفي النهاية لأ أملك إلا أن أقول " ما جاور الحداد لابد ان يكتوي بناره " ، ومن ترك للسوشيال ميديا تتدخل في خصوصياته وحياته فعليه أن يتحمل قسوتها .
 
المقال / نورا أنور
الكواكب
التعليقات