أميرات الحب والخيال

من ينظرون إلى المستقبل غالبا ما يحافظون على الأستقرار ويسهمون فى حماية تراث الأباء والأجداد ، هذا ما أؤمن به وأسعى اليه واحض أصدقائى على الذهاب اليه ، بمعنى أخر أن الأستغراق فى تفاصيل الحياة اليومية قد يعرقل العقل وقد يجهده وقد يزيد من تعاسة الأنسان .
هذا لا يعنى عدم  الأهتمام بمشكلات الحياة اليومية ومحاولة حلها أولا بأول  لكن يعنى أن ننظر إلى مباهج الحياة  وما تقدمه لنا  سيدات مصريات لم يجدن من يسلط الضوء عليهن الا قليلا .
أعتدت منذ سنوات عديدة أن أزور معارض الفن التشكيلى المصرى المعاصر ، عاصرت الكبار وزرتهم فى أماكن عملهم وتحدثت اليهم مثل حامد ندا وأيهاب شاكر الذى سعدت بمعرفته من خلال روز اليوسف وصباح الخير وأيضا من خلال السفر معه فى رحلة لا تنسى إلى سيوة رفقة الكاتب الناصرى الكبير محمد عودة والناقد السينمائى الذى لا يتكرر المستشار مصطفى درويش وخبير الأسلام السياسى نبيل عبد الفتاح ثم زيارته والسيدة سميرة شفيق زوجته فى بيت أبنته فى كندا حين عملت مديرا للأهرام فى كندا ثم جميل شفيق والكبير جورج بهجورى الذى سعدت بزيارات متتاليه إلى مرسمه فى وسط البلد وأصطحاب الأعلامية الكبيرة رندة أبو العزم لاعداد فيلم تسجيلى عنه ، والفنان المثقف الكبير وجيه وهبه والراحل محمد الطراوى  ومن قبل ومن بعد أعمال محمود سعيد التى أنتشرت فى قارات العالم والتى تعد بكل المقاييس الأعلى ثمنا وقيمة  فى صالات سوثبى وكريستيزالبريطانية وهو الفنان الوحيد الذى تم إصدار كتالوج موثق ومقنن لأعماله  ، والنحات ناثان دوس ثم من فتحت لى نافذة كبيرة على أعمال " أميرات الحب والخيال " بنات وسيدات مصر الفنانة الراحلة جاذبية سرى التى ما أن كتبت عنها مقالا فى " الأهرام لوموند ديبلوماتيك "  بمناسبة صدور كتاب جاذبية وتحية وإنجى أفلاطون الا وأصرت على مكالمتى تليفونيا لتطلب من ناهدة خورى التى نظمت عروضها الفنية حتى اللحظة الأخيرة  أن ترتب لنا لقاء وهو ما حدث لكى تغرقنى بكلمات  جميلة وهى من هى سيدة الفن المصرى المعاصر .
بعد جيل الرائدات جاءت أجيال أخرى حريصة على العمل والأبداع وتقديم ما لديها من فن ، لتأتى سعاد عبد الرسول لتتجاوز شلل العلاقات العامة فى الوسط الثقافى من خلل لوحات أنثوية تسعى إلى خلاص المرأة من خلال الوضوح والجرأة فى الطرح والتماهى مع الطبيعة فى أعمال لم نعهدها من قبل ما أدى إلى إقتناء لوحاتها من قبل متاحف عالمية رأت فى فنها رؤية مختلفة فأستقرت أعمالها فى متحف شازين للفنون ومتحف ورستر للفنون فى ولاية ماساشوستس الأمريكية حيث جامعة هارفارد رفيعة المستوى بمدارسها الفنية الراقية .
فى هذا السياق أذكر ياسمين الحاذق وأعمالها المبهرة المغلفة بألعاب الطفولة ,احلام فكرى الكاتبة والمثقفة ونعمت الديوانى بلوحاتها المتفردة ومونل جنحو المتمسكة بشخصيتها الفنية لا تحيد عنها ترسم المرأة مجردة لتترك للمتلقى ترجمة الأحاسيس وتكوين الأنطباعات ووفاء النشاشيبى الفلسطينية ورندة اسماعيل ورانيا الحكيم . 
يكاد لا يمر أسبوع الا ويتم أفتتاح معرض جديد لفنانة تشكيلية مصرية سواء من تخرجت من كلية الفنون الجميلة التى تأسست بأسم مدرسة الفنون الجميلة عام 1908 أو من قامت بدراسة الفن من خلال القسم الحر أو بالجهود الذاتية .
أنتشرت " الأرت جاليريز " فى الزمالك التى تحولت إلى ما يشبه " الأرت هوب " أو ملتقى وتجمع للفنانين التشكيلين بحكم وجود كلية الفنون الجميلة بها ودار الأوبرا المصرية وما تحتوية من معارض الفن التشكيلى وأيضا وجود قصر عائشة فهمى ومعهد الموسيقى ، تحولت الجزيرة بشكل تلقائى  ما أدى إلى بروز مبانى قبيحة وإغراق شوارعها بكافيهات وإختراق كوبرإلى حاضن طبيعى للفنانات المصريات من كل الأجيال يطردن كل  قبيح  أنتشر فى أرجاء المدينة بسبب سيادة أفكار عفنة تستخدم الدين السمح من أجل إشاعة التطرف بما يشى بأمكانية  أن تتحول الجزيرة إلى رئة للقاهرة تستنشق من خلالها الأوكسجين إذا كان هناك ثمة إهتمام بالبيئة وزراعة الأشجار وهو ما يتطلب دراسة موسعة من خلال مخططين معماريين .
ما يحدث هناك يماثل رياح التقدم التى تهب على قلب المدينة يجدد شبابها ويجذب المئات من الشباب إلى الفن الراقى  . تحية لفنانات مصر الائى يدخلن البهجة إلى نفوسنا .
 
المقال/  جمال زايدة 
الدستور
التعليقات