حتى لا يطير الوطن


إنها الأوطان التي نحمل بصماتها بين جينات تكويننا الفكري والثقافي والوجداني فما بالك بمصر "أم الحضارات" ومهد العلوم والفنون والفكر والعقيدة وحتى لا نفقد بوصلة الإنتماء والوطنية في ظل غيمة وسحابة سوداء من أزمة إقتصادية وأخلاقية قد ظللت سماء الوطن بعد أن غرقنا في طوفان من الفساد والفوضى المدبرة على مدار أعوام مضت لإختلاف الرؤى وتضارب المصالح العالمية والمحلية ومؤتمرات إستهدفت أمن وسلامة ونسيج الوطن المصري وساهمت في خلق كيانات متفرقة متنافرة بعضها يتمسك بأفكار متطرفة ويتخذ من الدين ستاراً يتخفى خلفه اإرهاب المصريين أو لحثهم على العصيان بإسم إعلاء كلمة الله ولكأن تلك الأمة المصرية لم تكن في رباط عقائدي منذ بدء الحضارة إلى يومنا هذا وتعددية الأصوات التي تناجي المولى هي أساس التكوين الوجداني للمصريين وهناك إتجاهات مضادة تحارب الوطن من الداخل وتنشر الفساد بإسم الحريات وبإسم التحرر ومحاكاة ذلك الغرب الذي يتمتع بالتقدم وبالحرية السياسية على أسس التعددية الحزبية والتي تبدأ من الشعب ذاته في كافة المجالات فليست الحرية  مجرد شعار ولكنها حرية مسئولة تعني أن نقبل الرأي الآخر ونسمح بالإختلاف والبناء وليس الإختلاف الهدام الذي يقوم على نظريات غربية عن الفوضى الهدامة أم ما يسمى الفوضى الخلاقة التى تهدم المجتمعات وتدمرها لتنبي مجتمعات أخرى  على الطراز والإطار الغربي الإستعماري ... ونحن بعد ثورة يناير ظهر مدى الإنقسام داخل المجتمع المصري حتى جاءت ثورة يونيو لتثبت أننا أمة وسط فإن هذه الطبقة الوسطى هي حامية القيم والوطن وظهير شعبي قوي متماسك يستطيع أن يحمي الوطن من أي تيارات هدامة أو متطرفة وبعد تسع سنوات من هذه الثورة الشعبية وجد الشعب المصري أزمة إقتصادية تضرب العالم بسبب الحرب الروسية الأوكرانية وصراع أمريكي أوروبي يخطط إلى هدم أوروبا والسيطرة على آسيا وأفريقيا إقتصادياً وسياسياً بعد أن فشلت الكورونا والحرب البيولوجية وبعد أن فشلت الميليشيات الدينية المسلحة في إحكام السيطرة على الشرق الأوسط الكبير... وهذه الأزمة العالمية ألقت بغمامتها السوداء على إقتصاد دولة تتعافى من مشكلات عدة وقد تكون بعض السياسات الإقتصادية لم تتبع فكر الأولويات أو أن الخطة التنموية لم تتوقع جائحة كورونا وحرب عالمية تؤثر على معدلات النمو والإقتصاد... أسباب كثر بعضها خارجي وبعضها داخلي وإن كان للإعلام دور فإن دوره لا يكون بالتبرير والتكرار وأنما بالتحليل العلمي والشفافية في الطرح ومناقشة القضية من كل الجوانب حتى وإن كانت ضد السياسة العامة للحكومة لأن الحكومة ليست الدولة وأنما هي سلطة تنفيذية فالدولة أكبر وأعظم من أفراد.. الدولة هي شعب ممتدة جذوره لآلاف السنين وهي جيش عظيم وتراث حضاري فكري رسم خريطة العالم القديم والحديث، الدولة المصرية لم تهتز لأزمة إقتصادية ولن يحركها عملاء بالخارج أو موتورين بالداخل ولكن علينا إدراك أن هناك أزمة ومحنة ومشكلة ثقة بين المواطن وبين ما يصدره الإعلام وبين المواطن وبين سياسات قست عليه ولم تراعي البعد الإجتماعي ومدى تحمله للإصلاح ولم يكن الوعي كافياً لغياب العديد من أصحاب الرأي عن مخاطبة المواطن والحكومة والإنصات إلى التعددية الوطنية ... حتى لا يطير الوطن علينا جميعاً الإلتفاف حوله وحول من يقوده بوطنية والحفاظ عليه حتى نعبر الأزمة ونبدأ في إعادة ترتيب البيت تعليمياً وثقافياً وفكرياً... إنها مصر يا سادة... لن تنكسر أو تطير...

التعليقات