التعليم مفتاح الحياة


قضية التعليم قضية حيوية ومحورية، وتحتاج منّا جميعًا التكاتف والتعاون من أجل إمداد الدولة ومراكز صنع القرار بمجموعة من المقترحات والأفكار والخطط العلمية المنهجية من خلال مجموعات مختارة ومنتقاة من العلماء والخبراء والأكاديميين والعاملين فى المجال التعليمى سواء ما قبل الجامعى أو الجامعى أو حتى البحثى والدراسات العليا، لذا فإن الدعوة إلى مؤتمر علمى تعليمى يشارك فيه كل مَن لديه ورقة عمل قابلة للطرح والنقاش والتنفيذ تُعد خطوة مهمة على طريق بداية التطوير والتغيير، وليكن هذا المؤتمر المصرى مؤتمرًا علميًّا يتقدم إليه المهتمون من خلال موقع إلكترونى يعلن عنه، مع وجود هيئة علمية لوضع معايير وشروط الاشتراك وإلقاء البحث أو الورقة العلمية ومناقشتها وعرضها فى كتيب يُطرح فى الأسواق لمَن يريد متابعة ما حدث.
..

ومن هذا المؤتمر تخرج بعض التوصيات العلمية المجتمعية تناقشها وسائل الإعلام المرئى والمقروء وكذلك الجامعات والمدارس، وتُعرض على مجلس الوزراء، وتُشكل لجنة أو هيئة لتقرير ما يمكن تفعيله، ثم يُعرض هذا مرة أخرى للحوار المجتمعى.. ذلك لأن قضايا التعليم ما قبل الجامعى تحتاج أيضًا وجود مجلس أعلى للتعليم على غرار المجلس الأعلى للجامعات، ويتكون هذا المجلس من بعض الأكاديميين والخبراء ومدراء المدارس المختارين من الأنظمة التعليمية المتعددة سواء الحكومية أو الخاصة أو الأجنبية أو القومية أو الدولية، وإن أمكن الأزهرية، حيث إن التعليم فى مصر بهذا التشعب وهذه الاختلافات الجوهرية بكل أسف لا يُنمى الانتماء إلى الوطن ولا الدولة، بل على العكس نجد أن الفروقات المنهجية فى أنظمة التعليم تكرس للاختلافات وتُنمى الصراع والتنافر فيما بين المناهج الأزهرية والمناهج الدولية الأمريكية والبريطانية والفرنسية والألمانية، وبين المناهج الحكومية والأجنبية نجد الطفل المصرى فى محنة تفكيرية ولغوية وثقافية وسلوكية، حيث التكوين الفكرى والبناء المعرفى واللغوى والسلوكى للأطفال متمايز ومتباين وينتج أجيالًا يصعب عليها التمازج والتوازن والانتماء لأن مَن يدرس الثقافة الغربية خالصة من لغة وتاريخ وأدب وجغرافيا لا يستسيغ الفكر العربى ولا الثقافة المصرية والعربية، ناهيك عن اللغة العربية، أما بعض مَن يدرس المناهج الأزهرية إن نجا من براثن الفكر المتطرف والمتعصب، فإنه يستمر فى خطاب التمسك بالماضى دون النظر إلى متغيرات العصر.

ومن ثَمَّ، فإن مناهج التعليم وأنظمة التعلم قد تدفع الأطفال نحو سلوكيات وتقاليد وعادات بعضها متطرف ومتعصب نحو الماضى وبعضها متطرف نحو الحريات والإباحية وسلوكيات بعيدة عن عاداتنا وتقاليدنا.. إن متابعة المدارس الدولية وأنظمتها وما تقدمه لأبنائنا تعادل متابعة ذات المناهج والأنظمة الفكرية فى المدارس الأزهرية.. إن قضية التعليم هى قضية الوطن، وبناء الفرد يبدأ منذ المراحل الأولى، وقد يكون مقترح توحيد النظام التعليمى فى التعليم الأساسى مخرجًا آمنًا للمجتمع ولمسيرة التقدم وللأجيال القادمة حتى تشعر بالانتماء والتقارب الإنسانى والسلوكى والوجدانى والمعرفى. الوعى بحتمية التعليم والحفاظ على اللغة والهوية مفتاح الحياة لهذا الوطن.

التعليقات