الحب في زمن الكوليرا

تقيتُ دعوة من الصديق المخرج عادل حسان مدير مسرح الطليعة، لحضور العرض المسرحي "الحب في زمن الكوليرا"، ولا أخفيكم سرا أنني توجست من تلك المخاطرة، وتشككتُ في قدرة صناع العمل علي اجتياز هذا التحدي الصعب، وتقديم مسرحية عن رواية شائكة للكاتب الكولومبي الشهير جابريل جارثيا ماركيز، خاصة وأنه ظل يرفض تقديم رواياته علي المسرح، وتحفظ طويلا علي تحويل تلك الرواية الصادرة عام 1985 إلي فيلم سينمائي، ووافق بعد 3 سنوات لكن الفيلم لم يحقق نجاح.
في المعالجة المسرحية استبعد الكاتب "مينا بباوي" كثيرا من الأحداث التي تتضمنها الرواية، واكتفي بقصة الحب والشخصيات المتعلقة بها، ونجح المخرج السعيد منسي في استغلال كل العناصر الجمالية داخل دراما العرض، وتوظيف أدواته الفنية بما يخدم رؤيته المسرحية، حيث تضمنت المشاهد مزيجا يجمع بين السرد والتمثيل والغناء والاستعراض، إلي جانب سرد الأحداث من خلال الشخصيات، وتجسيد بعض المشاهد من خلال حركة الممثلين الصامتة، والتابلوهات الاستعراضية، التي لم تكن دخيلة علي العرض، بل عنصرا جماليا مكملا للأحداث.
تغلب المخرج علي المراحل العمرية التي يمر بها الأبطال، من خلال أداء أكثر من ممثل للشخصية الواحدة، وقد أجاد محمد فريد في دور "فلورنتينو" العاشق في مرحلة منتصف العمر، وكذلك العجوز العاشق الذي ظل مخلصا لحبيبته أكثر من 50 عاماً، وأيضا عصام الدين أشرف "فلورنتينو" الشاب العاشق، وأجادت دينا أحمد في دور "فيرمينا" العجوز التي حالت التقاليد بينها وبين الارتباط بحبيبها، وتفوّق محمد صلاح في تجسيد شخصية "أوروبينو" الطبيب الارستقراطي العجوز المتزوج من "فيرمينا"، وأبانوب لطيف في شخصية "أوروبينو" الطبيب الشاب، وكذلك شمس الشرقاوي في شخصية العمة المتمردة، لكني اتحفظ علي اختيار الممثلة نسمة عادل في دور "فيرمينا" الشابة.
جاء مشهد النهاية موفقا من خلال شاشة في خلفية المسرح، بعد أن قرر العاشق العجوز رفع إشارة الوباء علي السفينة، حتي يظل مع معشوقته في رحلة حب فريدة عبر النهر، ظل ينتظرها 51 عاما و9 شهور و4 أيام!!

"عن أخبار اليوم"

التعليقات