آمال ماهر وإعادة برمجة (السوفت وير) !!

لم تقل آمال ماهر الكثير في الفيديو كليب الذي سجلته مؤخرا، وعرض على أحد المواقع، إلا أنه فتح شهية البعض لكي يحاول أن يقرأ ما قالته مباشرة بصوتها وما أخفته ونطقت به من خلال لغة الجسد، ولا أتصور سوي أن علينا لكي نفهم بالضبط آمال سوى أن نتأمل سيرة حياتها مع بدايتها الأول وهي عتبات المراهقة قبل نحو 25 عاما، عندما أدركت الدولة أهمية صوتها، فكانت تعليمات الرئيس الأسبق حسني مبارك لوزير الإعلام وقتها صفوت الشريف بضرورة تبني هذا الصوت، في سابقة هي الأولي وربما الوحيدة في زمن مبارك.

بعد أن انتهت مرحلة تبني الإذاعة المصرية، وجدنا أن الكل تعامل معها باعتبارها مشروع استثماري، منذ أن ألبسها راعيها الأول عمار الشريعي ثوب أم كلثوم، ومع الأيام اكتشفت أنها تقترب من شاطئ النهاية، وبدأت التحرر من هذا القيد (الكلثومي)، الغريب أن أرباح المشروع كان ينالها منه فقط الفتات، وعندما أدركت التفاصيل تمردت على مكتشفها.

المحطة الثانية جاءت مع الملحن محمد ضياء الدين تزوجته سنوات قلائل وأنجبت طفلا وقدم لها ألحانا عصرية، وضعتها على الخريطة، مع الأيام صرنا نقرأ عنها أخبارا، في باب الجريمة وأخرى في باب النميمة، حتي ظهرت مؤخرا معلنة أنها ستواصل المشوار، وأغلقت أو لعل التوصيف الصحيح (واربت) باب الشائعات.

هل تعود آمال ماهر وتقيم خلال الأسابيع القليلة القادمة حفلا غنائيا كما قالت في آخر حوار لها مع رامي رضوان عبر قناة (دي إم سي)؟ لا أتصور أن من صالح آمال في هذا التوقيت سرعة العودة، الأمر ليس له علاقة بـ(التريند)، والإمساك بالفرصة الذهبية لزيادة معدل شغف الناس، هذا لا يكفي، لأنها بحاجة أولا إلى قدر عميق من التأهيل النفسي قبل الجسدي.

كعادتها ولثالث مرة في غضون عامين شغلت الرأي العام، أغلب الظن أنها تفعل ذلك بدون أن تقصد، كثيرا ما أعلنت الاعتزال، وبين الحين والآخر كانت تنشر على صفحتها (بوست) يفتح الباب لمزيد من الغموض ومساحة أكثر من التساؤلات الشائكة، عندما ينتفض مجلس الشعب وتطالب أحد النائبات رسميا من الأجهزة بكشف أسباب اختفاء آمال ماهر، فهذا يعني أن الأمر انتقل إلى دائرة (الأمن القومي).

الناس تهامست بالكثير، عندما استقال هاني شاكر من مقعده كنقيب للموسيقيين، وجدها البعض فرصة لكي يضع آمال بين قوسين، رغم أن الكل يعلم أن وقائع الاستقالة على الهواء خناقة بسبب شاكوش، كما أن هناك من أكد أن التي شاهدناها في الفيديو ليست آمال، وأنها قد تمت مصادرتها وتصفيتها جسديا وأن هناك من انتحل الشخصية، لكي يداري على جريمة ما، قطعا خيال مريض، إلا أنه يؤكد أن الواقعة فتحت شهية أشهر وأنشط حزب الآن، وهم مروجي الشائعات.

البعض استغل الموقف في تحبيك سيناريو سياسي، خلاصته أن الدولة غير قادرة على حماية أبناءها، فإذا كانت آمال وهي تتمتع بكل تلك الشهرة مصريا وعربيا قد تبددت وتبخرت في لحظات، أمام أعين الجميع، والكل صامت وأنه غير مصرح للإعلام بالحديث عنها ولا لأجهزة الأمن بالتحقيق، فما بالكم بالمواطن العادي، وهكذا صار اختفاءها عن الأضواء يفتح الباب لكل الاحتمالات، فكان لابد من الظهور المباشر، وأظنها ستكرر بين الحين والآخر، إجراء حديث هنا أو هناك حتى تصمت تلك الشائعات التي لا يخفي على أحد ما ترمي إليه.

إعادة ترتيب الأوراق وتحديد الأولويات حق لكل إنسان، كما أن الابتعاد قليلا عن صخب الحياة يصبح أحيانا ضرورة، وكلنا معرضون بين الحين والآخر، لسيطرة مشاعر أكتابية، تدفعنا لا شعوريا لغلق الباب، بالضبة والمفتاح، الفنان عندما يستشعر أن الرؤية أمامه على المستويين الشخصي والمهني صارت ضبابية، ينتزع من الدنيا وقتا مستقطعا ليعيد تقييم مواقفه، وأيضا اختياراته الفنية والشخصية القادمة، فقط عليه أن يعلنها صراحة ولا يعتبرها اعتزالا لكن التقاط أنفاس، وأنا أرى أن آمال أحد أهم الأصوات التي ظهرت على الساحة في الربع قرن الأخير.

من المؤكد أن رصيد آمال لا يمكن مقارنته مثلا بكل من أنغام وشيرين، أبرز عناوين مصر بين الأصوات النسائية، لأنها لم تتفرغ بعد لمشوارها الغنائي، إلا أن آمال تمتلك صوت له خصوصية وإمكانيات وحضور وكاريزما، لو تمكنت من إعادة برمجة (السوفت وير) الوجداني، ستقف قطعًا في مقدمة الأصوات مصريا وعربيا، أكرر (لو) !!.

"عن 7e.news"

التعليقات