اعلانات راقصة

الشاشة الرمضانية هذا العام تشهد تغيراً عن سنوات سابقة ليس فقط في الشكل ولا المضمون ولكن في الرسائل التي أصبح رمضان الإعلامي يرسلها إلى المشاهدين والمتابعين فلم يعد رمضان على الشاشة الإعلامية مجرد إعلانات للسمن والزيت ولا مجرد إستعراض فوازير أو برامج منوعات ومسابقات أو مسلسلات دينية أو إجتماعية أو برامج نجوم وأسرارهم ولا هو ذلك الرمضان الذي يهتم بالروحنيات ونقل صلاة التراويح على أحد الشاشات ولا هو رمضان المفاجأت في برامج الجوائز التي تختبر الجمهور في بساطة ويسر وتمنحه الهدايا والعطايا كنوع من التشجيع على المشاهدة والأهتمام ببعض المعلومات الدينية البسيطة جداً ولكن رمضان تحول إلى ساحة إعلانات على الطبلة والمزمار والدي جي وتباري الفنانين والمطربين والمطربات والفنانات في الحصول على السبق الإعلاني لشركات المحمول التي تقدم مجموعة من الممثلين مع مطرب أو مطربة في إستعراضات راقصة وأغنيات لمشاهير وصلت للهضبة وتامر حسني وإليسا وشيرين وأقتحم سوق الإعلانات قطاع المعمار والتسويق للمنتجعات الفاخرة السياحية والساحلية في تنافسية جديدة مع المدن القائمة والتي يتم الإعلان عنها بأبطال المسلسلات وبطلات الدراما سواء النجوم والنجمات الكبار أو حتى الشباب الصاعد المهم أن هذه الأحتفالية الغنائية الحركية الراقصة في صور إستعراضات وأغنيات يتم ترديدها بين فواصل الأعمال والبرامج على جميع القنوات والشاشات تسمح بمساحة كبيرة جداً من الأنتشار والشهرة ليس للمنتج ولا الشركات ولا للمنتجعات ولكنها شهرة وتواجد اجباري للنجوم والنجمات .
ودخل السباق الإعلامي "البريد المصري" كما دخل من قبل "بنك مصر" وهي هيئات حكومية تابعة للدولة وللمواطن المصري فإذا بها مثل بنك "التمويل الزراعي" قد دخلت الى ساحة الخصخصة الإعلانية فإذا بنا نجد النجوم ومطربين يقدمون أغنياتهم في هيئة إعلانات لهذه الهيئات الكبرى الحكومية واكيد ان التسويق والإعلان يخصم من ميزانية تلك الهيئات وقد لا يخضع أو يخضع للضرائب وحقوق المستفيدين من المواطنين الذين يستخدمون هذه الخدمات البنكية والمصرفية والزراعية وهذا أمر يستوجب النقاش والعرض على المشرع المصري لمعرفة والتأكد من قانونية ومشروعية هذه الإعلانات والإنفاق عليها ...
ونجد ان إعلانات التبرعات والمستشفيات التي تستدر عطف المتلقي في الشهر الكريم قد تقلصت الى حد كبير وتبدلت بإعلانات عن مصاريف الصدقة والزكاة في هيئات خاصة و رسمية، أما إعلانات الأكل والشرب فلا حول ولا قوة الا بالله تعاني من نقص شديد نظراً للظروف الاقتصادية التي يمر بها المواطن المصري مع العلم أن سعر علبة السمن أصبح بالنسبة للمواطن في حجم سعر فيلا في كمبوند إعلاني ساحلي في متناول طبقة غير معروفة وغير مفهومة في المجتمع ... وإذا كانت الإعلانات انحصرت في الشركات والمعمار والهيئات الحكومية المصرفية والهيئات الخاصة والرسمية للتبرعات بالصدقات فإن سوق الإعلانات يعاني الآن من دخول المنصات الإعلامية المصرية والعربية والأجنبية المنافسة حيث ان معظم المسلسلات والتي لها حديث آخر قد أصبحت تعرض دون فواصل إعلانية على هذه المنصات لان مدة عرض الإعلانات وتكرارها صار عبء على العمل الدرامي ويفقد المشاهد متعة المتابعة حتى أن العديد من الأعمال الدرامية تعرض ايضاً على الإنترنت دون اشتراكات من خلال قنوات مصممة لهذا بطرق بعضها مشروع والأخرغيرمشروع المهم أن سوق الإعلانات مهدد بالأنقراض ومهدد بالتقلص وبأن يفقد سطوته وتحكمه في كل ما يعرض من برامج وأعمال درامية ونجوم وموضوعات خاصة أن هناك جهات عربية تجذب البساط من تحت أقدام الإعلام المصري بالأنتاج لمن لم يدخلوا دائرة الرضا فيما يعرض أو ينتج وللأسف قد تكون هذه الجهات العربية تعمل ضد الفن والإعلام والمجتمع المصري فتقدم الأسوء بدعوى المصداقية ... الإعلانات الراقصة تملاء الشاشة الرمضانية في صورة مغايرة للواقع وغيرمعبرة عن نبض الشارع ...

"عن الوفد"

التعليقات