الجوع والأمل

في فيلم"العاب الجياع" عن ثلاثية الأديبة الأمريكية "سوزان كولنز" إنتاج (2012) والذي حقق أعلى الإيرادات في أجزائه الثلاثة وحصلت الكاتبة على العديد من الجوائز بعد أن كتبت القصة الأولى في 2008 نجد أن حكاية الفيلم والقصة تدور حول ما يسمى أدب الخيال العلمي وما بعد المدينة الفاضلة أي أنها المدينة الفاسدة التي تنشأ غالباً بعد أنتهاء الحضارة الحالية من جراء الحروب البشرية وقتل الانسان لأخيه الانسان فإذا بالحياة على كوكب الأرض وبالتحديد في شمال أمريكا تعود إلى سيرتها الأولى فيما تتحكم مجموعة من الأثرياء المخبولين الفاسدين في حياة 12 مقاطعة أمريكية تعاني من الفقر والجهل والبدائية والجوع ويكون مقر هؤلاء في العاصمة لدولة "بانوم" ولأنهم يتحكمون في البشر وفي الحياة ويملكون المال واجزاء من الحضارة والتكنولوجيا التي لم تدمر كلياً فأنهم يخترعون لعبة تسمى "لعبة الجوع" أو "العاب الجياع" حيث يختارون بالإجبار صبي وصبية من سن 12 إلى 18 من كل ولاية ثم يعدونهم للموت عن طريق تعرضهم لكافة أنواع الصعاب الطبيعية من أجواء وأحراش وغابات وحيوانات وحشرات سامة وأوبئة وأمراض وحقد بشري بين المتسابقين الذين ماهم إلا قرابين تقدمها تلك الدولة الناجية وهؤلاء الأثرياء الطغاة للحياة وللوطن حتى لا يعودوا إلى الحروب وإلى تدمير الحضارة ونكتشف في خلال اللعبة الدموية أن هناك فريق يتحكم في الطبيعة وفي الأجواء وفي الليل والنهار وفي إستحضار الوحوش والحشرات وفي ملئ القلوب بالضغينة والكراهية والدموية وكذلك دفعها إلى خلق قصص حب وهمية كل هذا يحدث وفق خطة يرسمها الرجل الكبير وزبانيته من الشياطين الإنسية ويعرضها الإعلام على الملأ وعلى الجميع للترهيب والتخويف وإثارة اليأس من النجاه وانتظار الموت في أي لحظة ويلخص الرجل الكبير الحدوتة في كلمة "الأمل" حين يفقد المرء الأمل فأنه يفقد حريته ويفقد إنسانيته ويفقد مستقبله وأخيراً حياته .. إذا إنه الأمل الذي يستطيع أن يقهر الجوع والخوف ويمنح الإنسان حريته الداخلية والخارجية ... هذا هو ما يحاول هذا الفيلم أو هذه القصة أن تبعثه وترسله كرسالة للإنسانية وللبشرية في خضم ما نعانيه اليوم من ويلات الحرب القادمة والتي قد تكون الحرب العالمية الثالثة وقد بدأ تأثيرها السلبي اقتصادياً على الشعوب النامية والبلدان الأفريقية واللاتينية لأن أوروبا بلدان لها صالح ومصالح في هذه الحرب وحتى أمريكا فهي دولة تدعم شعوبها وتدعم أقتصادها على حساب العالم الآخر الذي مازال ينمو ويحاول ولذا فإن قضية الجوع والخوف التي تلقي بظلالها الكثيفة والكئيبة على العديد من الدول والشعوب ولن ينجو منها إلا أن نتمسك بالأمل في قدرتها على التغلب على هذه الصعاب والحروب الدموية التي ما هي إلا لعبة سياسية يتحكم فيها الأغنياء السفهاء الذين لديهم الحضارة والتكنولوجيا والمال ومن ثم يتخذون منا نحن الشعوب النامية قرابين لأغراضهم ولأطماعهم ولمتعتهم في السيطرة والتحكم والمزيد من الثراء والمزيد من السلطة والقوة ...
الأمل يستدعي القوة والعزيمة والإصرار على تغيير السلوك والتفكير في سبل وطرق وحلفاء جدد وليس الإنصياع والرضوخ لمعسكر دون آخر ... الأمل هو أن نعرف الطريق لإصلاح النفس والذات والتعليم الحقيقي الذي ينمي القدرات الإنسانية والتنافسية في مجال العمل والابتكار والإبداع .. الأمل في وعي جديد يسمح بإختلاف الرؤى والأفكار والأصوات وليس التكرار والسمع والطاعة وإلا يتهم الإنسان بالخيانة وعدم الأنتماء... الأمل في أن نضع الشخص المناسب في المكان المناسب ونقدر العلماء والمثقفين وليس المنتفعين والمصفقين المهللين ...الأمل في أن تكون مصر منارة للثقافة والفنون والعلوم والابتكار وقبلة للحرية المسؤلة فنسمع أصواتاً ونرى نجوماً في السياسة وفي الاقتصاد وخبراء الإدارة وفي التخطيط ولا نسير جميعاً في قطيع بدعوى الأمن والآمان .. أن لعبة الجياع انتصرت فيها البطلة "كانتيس" بالأمل وقهرت الخوف والجوع والقتل والرعب لأنها آمنت بحقها في الوجود الحر ...
"عن الوفد"

التعليقات