بنات وستات

في شهر مارس الذى يعرف بشهر المرأة عالميًا ومحليًا وخاصة بعد أن تحققت الكثير من الإنجازات للمرأة المصرية وجلست أخيرًا على منصة القضاء بعد أن قبلت فى النيابة العامة كخطوة أخيرة لتنفيذ وتفعيل مواد الدستور المصرى الذى كتب بعد ثورتين حديثتين فى هذا الشهر نجد أن المرأة المصرية تعانى وتقاسى من مشاكل مجتمعية متعددة على الرغم من أن الدولة والقيادة السياسية لا تألو جهدًا فى تقديم كل ما يمكن من عون لها ولكن المشكلة تكمن فى أن هذه المرأة العظيمة الصابرة القوية المثابرة لا تجد من يقدم لها النور والمعرفة ويدلها على الطريق الصحيح فى العديد من المشكلات الحياتية واليومية وأيضًا المصيرية فما زالت المؤسسة الدينية لم تحسم العديد من القضايا المصرية مثل ضرب النساء وختان الفتيات والطلاق الشفاهى والزواج الثانى وحقوق الأطفال فى أسر بلا أب أو أم وقوانين الرؤية والولاية التعليمية والسفر وجميعها قضايا لها جانب دينى وآخر مدنى ووفق القوانين الوضعية وتأخر اتخاذ إجراءات حاسمة فيما يخص هذه القضايا والنفقة الخاصة بالأطفال يؤدى إلى المزيد من المشكلات والمخاطر على المرأة والأسرة والمجتمع ولم يزل الإعلام يقف فى المنطقة الضبابية والتى لا توجد بها أى رؤية أو خطة استراتيجية متكاملة من وزارات متعددة مثل وزارة الصحة والسكان ووزارة الأوقاف والمجلس القومى للمرأة ووزارة التعليم والتضامن ووزارة الثقافة، فجميع ما يطرح على الساحة الإعلامية فى الصحف والمجلات قضايا مكررة قتلت بحثًا بلا حلول جذرية بالإضافة إلى أنها لا تخاطب الفئة العريضة من البنات والنساء فى القرى والمناطق الريفية والنائية والعشوائيات وبالتالى لا يوجد مردود فعلى وحقيقى لكل ما يطرح ويكتب، أما الشاشة الإعلامية فهى مليئة بالبرامج الخاصة بالطبيخ والأكل وكأننا فى مطعم إعلامى على الهواء مباشرة تقدم فيه مأكولات وأصناف تستوجب ميزانية شهر أو سنة لأسرة بسيطة تقضى أيامها بالكاد ومع هذا فإن هذه البرامج المتكررة البايخة السخيفة تصر على أنواع المكسرات واللحوم والفراخ والجمبرى والأسماك وأسماء لأنواع باهظة الثمن مستحيلة الأقتناء لأشخاص عاديين طبيعيين... أما البرامج الأخرى فهى مجموعة من النساء والسيدات الجميلات الأنيقات فى أكثر من 5 قنوات على التوالى يظهرن يتحدثن عن الجمال والدلال والأناقة والعلاقات الغريبة من خيانة وصداقات فى العمل بين الرجل والمرأة وضرورة أن تكون الزوجة طوع الزوج تلبى له كل ما يفكر أو على الجانب الآخر أن تتوحش وتتنمر وتمسيه بخناقة وتصبحه بضرب أو طلب طلاق! والأدهى والأمر تلك الدكتورة المحتشمة المرتدية للزى الإسلامى والتى تدعو المرأة الزوجة أن تجاري زوجها فى متابعة المواقع الإباحية والجروب الذى به نساء للمتعة فتكون له جارية حتى لا ينظر ولا يخرج من قبضتها! هكذا وصل الأمر والغيبوبة الإعلامية تجاه المرأة مستمرة... أين قضايا تنظيم الأسرة وعلاقتها بصحة المرأة وصحة الطفل وهل هناك أى برامج تخاطب المرأة البسيطة والفلاحة العاملة والبنت التى تعمل فى محل أو مصنع أو تقوم بالخدمة فى الأماكن الكبرى أو المنازل؟ من يخاطب هؤلاء البنات والسيدات العظيمات؟ من يخاطب النساء ليصررن على أهمية تعليم الأبناء والبنات وتأخر سن الزواج حتى تستطيع البنت تحمل المسئولية وأن تكون عضوًا فعالًا فى المجتمع منتجة وليست مجرد عالة على أسرتها أو زوجها.. هل توجد برامج توعية لصحة البنات والسيدات خلال فترة الحمل والرضاعة وكيفية تجنب الكثير من المشاكل والأمراض الصحية المستوطنة.. وهل هناك برامج تخاطب عقول وأفكار البنات والنساء حتى لا يقعن فريسة للسحر والشعوذة والدجل والعفاريت أو للوقوع فى مصيدة شبكات التواصل والنت والصدقات والتيك توك الذى قد يدفعهن للخطيئة أو الجريمة أو الاستغلال والابتزاز والتشهير بالسمعة والوصول إلى الانتحار... هل هناك توعية إلكترونية لما قد يصل إليه الاستخدام الخاطىء للتليفون الموبايل؟ هل هناك برامج تأخذ بيد البنات والنساء ليعرفن حقوقهن وواجباتهن تجاه المجتمع والأسرة والحياة فلا نجد غارمات ولا نجد توكيلات تدمر حياة ومستقبل المرأة... هل هناك برامج تختص بصحة المرأة والطفل بشكل علمى وجذاب مع برامج عن القوانين وأخرى عن الثقافة البسيطة وأخرى عن التعاملات الاقتصادية والمالية وأخرى عن الاتصالات وأخرى عن مبادئ السلوك والألفاظ والملابس بصورة جميلة وبسيطة... نحتاج إلى إعلام واعٍ يخاطب البنات والستات المصريات وليس هذا الذى يسطح ويهمش ويغيب... إنهن ألطف الكائنات.

"عن الوفد"

التعليقات