الوعي.. والأمن القومي


القضية الأهم والأخطر التي تواجه الوطن في الوقت الراهن، هي الافتقاد لرؤى واضحة واستراتيجيات متكاملة لبناء الوعي المجتمعي، وتطوير منظومة البنية الفكرية والمعرفية للمجتمع، وغياب السياسات الناجزة لإصلاح الشخصية المصرية مما أصابها من تشوهات، وما أَلم بها من تحولات في السمات والسلوكيات والمفاهيم، على امتداد العقود الطويلة الماضية.
ورغم تعدد الأسباب وتشعب المسئوليات الكامنة وراء غياب الوعي، وانهيار منظومة القيم الأخلاقية والسلوكية، وتدني الذوق العام، إلا أن المؤسسات الثقافية والإعلامية والفنية، تتحمل المسئولية الرئيسية فيما وصل إليه المجتمع، بما تقدمه من قضايا عبثية جوفاء تستنزف طاقتنا وجهودنا بلا طائل، وما تنتجه من أعمال سطحية تافهة تفسد القيم وتزيف الوعي، وتشوه الشخصية المصرية، وما تتناوله من مواد درامية وأغنيات تهبط بالفكر والذوق والأخلاق، وتدمر العقل الجمعي.
لذلك أسعدني أن يضع د.سامي الشريف عميد كلية الإعلام بالجامعة الحديثة تلك القضية الخطيرة على مائدة النقاش والحوار، في مؤتمرها العلمي الخامس الذي عقد منذ أيام تحت عنوان "دور الإعلام والفن في بناء الوعي والارتقاء بالذوق العام"، برعاية د.ألفت كامل رئيس الجامعة، ومشاركة كوكبة من الأكاديميين والخبراء والإعلاميين والكتاب والفنانين، إلى جانب مجموعة من الأبحاث والدراسات العلمية، التي تهدف إلى تشخيص واقع الإعلام والفن في الوطن، وكيفية إعادتهما للدور المنشود في الحفاظ على منظومة القيم الأخلاقية والسلوكية والمعرفية، وتحليل وتأصيل الأسباب الكامنة وراء تلك الظواهر والسلوكيات والتحولات والمفاهيم، ووضع تصورات وتقديم اقتراحات وحلول وتوصيات تساعد أصحاب القرار في وضع استراتيجيات، ورؤى حقيقية وسياسات جادة وفاعلة، تعمل على تطوير البنية الفكرية والمعرفية، وبناء الوعي الثقافي والحضاري والاجتماعي والديني، وتتصدى للتشوهات التي أصابت الشخصية المصرية، باعتبارها قضية أمن قومي تحتاج لتضافر المجتمع بكل عقوله ورموزه ومؤسساته التعليمية والإعلامية والثقافية والفنية.
نقلاً عن أخبار اليوم

التعليقات