العتب على السمع

قصة يوسف إدريس « العتب على النظر» تتحدث عن ضعف نظر الحمار الذى يحمل الأسفار ويعتمد عليه صاحبه كـمورد للرزق فما كان من أهل الحى إلا أن يقترحوا شراء نظارة طبية للحمار حتى يستطيع أن يستمر فى العمل وكانت الصعوبة فى إيجاد نظارة تصلح لحجم الحمار.. ونحن اليوم نحتاج إلى سماعات أذن لنا البنى أدمين حتى نستطيع أن نفهم ونعى ونقدر أصوات الحمير التى ملأت الفضاء والهواء وأصبحت هى الأساس والمعيار للحرية والفن وأن الشعبية التى تحظى بها تلك الأصوات هى الأساس فى التقدير وفى النقد وفى إفراز مجتمع عشوائى يقدر ويثمن هذه الأصوات وكذلك مجتمع راق يستضيف هذه الأصوات وهؤلاء فى مناسباته أما الإعلام فهناك من يحتضن ويهلل ويصفق ويرقص مع تلك الأصوات التى يحمل أصحابها أسماء بنى أدمين مثل حمو... شطة... العصابة... حنجرة... بيكا... كزبرة وغيرها من الأسماء التى قد يختلط عليك الأمر وتظن أنها لبشر مثلنا وتعتقد أن هناك قضايا وجنحًا تتعلق بهذه الأسماء التى يتفاخربها أصحابها والشباب وتمنحها بعض الجهات العربية درجة الدكتوراه.. والدكتوراه منها براء... ويخرج علينا بعض من يدعون أنهم نقاد يعملون فى كل أو معظم القنوات للترويج وللتربح ويدعون زوراً وبهتاناً أن هذا هو زمن تلك الأصوات المنكرة ويحاولون إقناع المشاهد أن الحياة متغيرة وأنه لا يوجد ما يسمى زمن الفن الجميل لأن الجمال والأخلاق لا علاقة لهما بالفن !!! الله أكبر نوع جديد ومدرسة فذة فى أساليب ونظريات النقد الحديث.. نعم نحن نعيش حالة توهان وفصام ثقافى وفكرى فبينما تحاول الدولة إرساء قواعد وأسس لجمهورية جديدة من مبان وطرق وكبار وأوبرا جديدة وتستضيف فرق أوركسترا عالمية تدعو إلى الفخر وترسل رسائل إيجابية للعالم عن مكانة مصر فى الجمهورية الجديدة نجد أن بعض القائمين على أمور الفن والثقافة يقدمون عرضاً وضيعاً أمام «أمير ويلز» وزوجته بدعوى أن هذه هى الواقعية لفرقة مسرح السطوح !!! بينما تلك جريمة تستوجب المساءلة،هذا الفصام الثقافى والفكرى هو ما دعا رجل أعمال شهير وبعض الإعلامين إلى رفض قرار نقيب الموسيقين الفنان الراقى صاحب التاريخ الغنائى المشرف فى منع منح تراخيص غناء لثلة من أصوات لا تملك فناً ولا موهبة ولا رغبة فى التطور والتعلم والتطوير فهم نتاج حالة توهان وعشوائية وغياب للتعليم والرقابة على المصنفات وأيضاً غياب دور قصور الثقافة والشباب وغياب الدور التنويرى والإجتماعى لرجال الأعمال الذين ينفقون أموالهم على الاستعراض الإعلامى وليس على بناء المدارس أو البحث العلمى أو تبنى هؤلاء ومحاولة البحث عن الحقيقى فيهم. ما نعيشه يشابه ما مرت به أمريكا خلال حرب فيتنام من ظهور موجات شبابية ترفض الواقع وتغرق فى بحور الأدمان والعلاقات الشاذة وتفرز موسيقى وغناء لم يستمر ولم يتطور ولكن انتهى مع انتهاء تلك الحالة الضبابية،علينا دراسة تلك الظواهر والبحث عن علاجات اجتماعية وقانونية وثقافية بدلاً من تبادل الاتهامات وخلق صراعات وهمية... الفن قيمة ومعنى ورسالة ورقى وأصوات الحمير لا تقارن بزقزقة العصافير وهديل الحمائم وشدو الكروان وتسبيح اليمام... العتب على السمع لمن مازال يدافع ويبرر ويحلل ظاهرة يندى لها الجبين

"عن الوفد"

التعليقات