ملهاة المدارس الدولية

قضية التعليم الشائكة ليست قضية سياسية وأمن دولة وحسب، ولكنها قضية وطن وأمة ومجتمع يتغير نحو الأفضل، ونحو التقدم، ونحو الجمهورية الجديدة فى عدة مشاريع عملاقة تقوم بها القيادة السياسية، ولكن فى موضوع التعليم نجد أن ما حدث على مدار الأربع سنوات الماضية من مشروع تطوير التعليم لم يحقق أهدافه، ولم يغير من نمطية التعليم والدروس الخصوصية والكتاب الخارجى، بل على العكس جاءت أزمة كورونا لتزيد الأمور سوءًا مع قرارات التعليم عن بعد، ومنع التدريس فى المدارس وتحويله إلى مجموعات مدفوعة الأجر، وتحويل الكتاب المدرسى إلى كتب تفتقر إلى الثقافة العربية بعد أن كان أحد بيوت النشر الأجنبية هو المنوط به تغيير المناهج ونظم الامتحانات بما يسمى الصح والخطأ، وهو أحد أساليب التقييم وليس كل الأساليب، فأساتذة التربية والمناهج وطرق البحث يعرفون ذلك وأى أستاذ يعلم جيدًا أنه لا يمكن أن يتم تقييم أداء الطلاب عن طريق هذا الأسلوب المسمى (البابل شيت)، لأنه ينفى التذكر والإبداع والفهم والربط المنطقى والتعبير، ومن ثم يكون أسلوبا غير تربوى وغير سليم منهجيًا، ومع هذا تحمل الأهالى والصغار كل التجارب الخاطئة والتى قام بها وزير التعليم بمفرده، ولم يكن له أى هيئة استشارية معلنة على درجة من الخبرة والعلم تقدم المشورة والسياسة الممنهجة، لأن فردية القرار وأحادية الفكر فى قضايا حيوية ومهمة تتعلق بمستقبل الأوطان قد تؤدى فى النهاية إلى كوارث، وليست القضية ثانوية عامة وسهولة وصعوبة الامتحانات، لأن هذا مجرد نتيجة لسلسلة من الإخفاقات فى مجال التعليم والتطوير وعدم الالتفات إلى البعد الاجتماعى والثقافى والاقتصادى والمحددات الأخرى المتعلقة بالفكر السائد والعادات الخاصة بالدروس وخوف الأهالى، وأيضًا عزوف الأبناء عن التعلم والتسرب من المدارس الذى زاد بصورة كبيرة مع ارتفاع تكاليف التعليم من مصروفات وكتب وتابلت وانترنت ومجموعات بديلة عن المدرس والفصل، كل هذا سوف تظهر أثاره السلبية جدًا على المجتمع فى غضون سنوات قليلة يتحول التعليم إلى المدارس الأجنبية والدولية التى بدورها لا يوجد عليها رقيب أو حسيب، لدرجة أن هناك مشروعا مقدما من بعض النواب الذين لديهم مدارس خاصة يطالبون البرلمان بإصدار قانون يرفع السلطة والقرارات التى تصدرها وزارة التربية والتعليم عن المدارس الخاصة الدولية فيما يتعلق بالمناهج والمصروفات، وهنا تكتمل دائرة الملهاة والمهزلة بأن يكون التعليم وفق أهواء السادة الملاك الذين حصلوا على مقاعد برلمانية، ومن حقهم إصدار القوانين التى تضمن لهم الربحية والتمكين من مقدرات وعقول الجيل القادم، بدعوى أن هذا تطوير للتعليم. أرجو من السادة نواب الشعب والبرلمان ومجلس الشيوخ الموقر، وبه قامات كبيرة، أن يقفوا فى وجه هذا التعدى الصارخ على الحقوق الدستورية للمواطن المصرى فيما يتعلق بالتعليم والعقول والمستقبل الجديد.

"عن الوفد"

التعليقات