مني زكي .. نجمة من الزمن الجميل

عرفتها قبل سنوات طويلة، وقتها كانت تقف علي خشبة المسرح، لتؤدي شخصية طالبة من الكويت، ضمن فريق من الشباب اكتشفهم الفنان محمد صبحي، ليُمثل كل منهم دولة عربية شقيقة في مسرح "بالعربي الفصيح"، ورغم أنها الأصغر سناً وحجماً، إلا أنها كانت الأكثر جاذبية وتأثيراً، خلال عرض حضرته مع الزملاء، بصحبة الفنان فاروق حسني وزير الثقافة الأسبق، بعد أن علم بالنجاح الكبير الذي حققته المسرحية، منذ ذلك الحين أتابع خطوات الفنانة الجميلة مني زكي، وأرصد نجاحاتها وتطور أدائها، وأؤمن بأنها أهم نجمات جيلها موهبة والتزاماً، وأكثرهن ذكاءً وقدرة على اختيار أعمالها.
تذكرتُ ذلك المشوار الأخاذ، لمبدعة صاحبة وجه ملائكي، يفيض بالإحساس والصدق، حينما كنت أتحدث عن نجمات الزمن الجميل، اللاتي كان لي شرف معرفتهن عن قرب، أو إجراء أحاديث صحفية معهن، وما لمسته فيهن من الرقي والأخلاق والبساطة والالتزام والصدق، وذلك خلال برنامج "ذكريات مع المذيعة أسماء حبشي، والتي فاجأتني بسؤالها عن نجمة من الجيل الحالي تشبه نجمات الزمن الجميل، ودون تفكير قلت: مني زكي الموهوبة التي تظل بساطتها وتلقائيتها مبعث تفردها وجاذبيتها، ويبقى ذكاؤها في انتقاء أعمالها السر وراء المحافظة على مكانتها الفنية.
ولا أخفيكم سراً أنني كنت أحد الذين ساندوها منذ بداية مشوارها الفني، وآمنوا بموهبتها الاستثنائية التي أصقلتها الخبرة والنضج، حتي وصلت إلى ذلك المستوي من الإبداع الفني، والأداء شديد التميز الذي ظهرت به في آخر أعمالها "لعبة نيوتن" للكاتب والمخرج المبدع تامر محسن. اختارت منى العودة للشاشة بموضوع لم تتطرق له الدراما المصرية، وقدمت باقتدار وصدق شخصية "هنا" ضحية نشأة أفقدتها ثقتها في نفسها، وزوج يشكك في قدراتها ويلقي بضعفه واخفاقاته عليها، وآخر يتلاعب بأقدارها! وصلت مني زكي إلى الذروة في إتقان كل ما يمتلك الممثل من أدوات فن الأداء التمثيلي، فتوحدت مع الشخصية، وانصهرت تحت جلدها وذابت داخل ثنايا أعماقها، وبإدائها التلقائي وعفويتها، جسّدت شقاء اللحظة، ومشاعر الغربة ومواجهة المجهول، وعبّرت بسلاسة وعمق عن التحولات الدرامية الكبيرة للشخصية، بكل تفاصيلها ومراحلها وتطوراتها، وقدمت أفضل وأصعب أدوارها على مدى مشوارها الفني، تاركة في الذاكرة مشاهد تحمل بصمة إبداعية متفردة " e Maste Scen" لن تُنسي، وستظل علامات محفورة في ذاكرة الدراما وجمهورها.
أقول إن الفنانة المبدعة مني زكي التي تُمتعنا بفنها، وأعمالها الراقية، وبعشقها لفنها، والتزامها واحترامها لجمهورها، تعيد لنا أمجاد نجمات الزمن الجميل اللاتي احترمن موهبتهن وجمهورهن، وأدركن معنى وقيمة الالتزام بكلمة النجومية، وأنها ليست بريقاً ولمعاناً" فالصو" دون قيمة أو ثمن!!

"عن جريدة أخبار اليوم"

التعليقات