طأطأ وسلاموا عليكوا!!

كثيرا ما نقرأ نهاية الحكاية وننسى البداية، وهكذا يأتى التحليل مفتقدا الصدق والمنطق، هكذا تابعت الشهادات الرسمية التى تم تناقلها مؤخرا عن المشير عبدالحكيم عامر، وكيف أنه فى عام 1966، وفى عز سطوته، قرر معاقبة الكاتب الكبير نجيب محفوظ بعد نشره رواية (ثرثرة فوق النيل)، وجد فيها أن دخان الحشيش يسيطر على المشهد، وتحمل تعريضا برموز الدولة، لم يحدد المشير نوع العقاب هل هو مثلا التعتيم الإعلامى، أم أنهم سيبحثون عن اتهام أكبر يزج بعده بنجيب محفوظ إلى السجن.

أديبنا الكبير لم يعرف عنه، طوال تاريخه، أبدا الدخول فى مصادمات مع الدولة، وكل مقالاته المنشورة ستجدها سياسيا تؤازر كل القرارات الرسمية، فقط من خلال رواياته يقول كل شىء، إلا أنه لا يبوح مباشرة بشىء حتى لو تعرض للظلم، عندما منحه الرئيس حسنى مبارك (قلادة النيل)، فى أعقاب فوزه بـ(نوبل)، اكتشفت السيدة زوجته أنها ذهب قشرة، وليست ذهبا خالصا عيار 18 كما كان يقضى بروتوكول منطوق الجائزة، أديبنا الكبير اختار الصمت، فهو يعلم أن إثارة الموضوع قد تفتح عليه أبواب الجحيم، والغريب أن ابنته أم كلثوم أثارت الواقعة إعلاميا مع منى الشاذلى قبل بضع سنوات، لأنها كانت ستسلمها للدولة ضمن مقتنيات متحف أديبنا الكبير، فكان ينبغى أن تعلن الحقيقة، ولم يجرؤ أحد على فتح باب التحقيق، وما قاله حتى وزير الثقافة الأسبق فاروق حسنى إن الذهبية للأجانب والقشرة للمصريين، ثبت أنه مجرد (افتكاسة) لا أساس لها من الصحة .

قرأنا أن عبدالناصر أوقف يد عامر قبل أن تطول نجيب محفوظ، وهو ما سبق أن فعله مع فاتن حمامة، عندما طلب الرئيس من زكريا محيى الدين، رئيس الوزراء قبل 67، إعادة فاتن حمامة للوطن، بعد أن هاجرت إلى لبنان بسبب مطاردات صلاح نصر، رئيس المخابرات، قال عبدالناصر لزكريا (فاتن حمامة ثروة قومية)، أشار الأستاذ سعد الدين وهبة إلى أن الدولة كلفته بإعادة فاتن مع ضمان حمايتها، كما لا ننسى أيضا ما تردد أن عبدالناصر، كان يحمى كاتبنا الكبير أحمد بهاء الدين من الاعتقال لأنه يثق أن أفكاره وطنية حتى لو تعارضت معه، وكثيرا ما أشادت الأقلام بموقف ناصر من فيلم (شىء من الخوف)، بينما عندما شاهد الفيلم أنور السادات، وكان وقتها نائبا لرئيس الجمهورية، لم يستطع التصريح به خوفا من غضب ناصر.

لم يختلف الأمر كثيرا فى زمن السادات لديكم مثلا فيلم (أهل القمة) الذى انتقد الانفتاح، وقيمة هذا الفيلم أنه لم ينتظر رحيل السادات لينتقد سياسته، لكنه فعلها فى وجوده، والذى صرح بعرضه السادات، بينما فيلم (زواج بقرار جمهورى) أصاب الرقيب بالرعب فى زمن مبارك، شاهده جمال مبارك فى عرض خاص، ووعد بإزالة العراقيل، رغم أنه فى النهاية كان يشيد بمبارك ويلقى باللائمة على الحاشية، إلا أن مجرد ذكر اسم مبارك ومشاهدته فى (الكادر) أرعبا الرقيب وكل أجهزة الدولة.

هل نعيد قراءة كل الحكايات التى استسلمنا لها من طأطأ لسلاموا عليكوا ؟.. وسلاموا عليكوا!!.

عن(المصري اليوم)

 

التعليقات