" العشرة " في العالم الإفتراضي

أؤمن كثيرا بالمثل الذي يقول "تعرف فلان ... نعم ... عاشرته .. لا .. يبقي ما تعرفوش". والعشرة زمان تختلف كثيرا عن الأيام دي. العشرة زمان يعني تخش بيته ويخش بيتك، تجمعنا علاقات عائلية، نخرج سوا، نسافر سوا، نشتغل مع بعض، ندرس مع بعض، أي حاجة تخلينا نتعرف علي سلوكيات بعض ومواقف بعض.

بسبب الزحام ودواعي السفر وانتشار المنصات الالكترونية ظهرت وسائل جديدة للعشرة .. العشرة من خلال العالم الافتراضي. وظهروا ناس في حياتنا وجودهم مستمر ومتكرر شبه يومي، ومن خلال التعبير والتعليق المتبادل عن الأراء والمواقف يمكنني القول انه نتج عن هذا النوع من التواصل ظهور مجموعة في حياتك تستطيع أن تدعي أنك عاشرتهم للدرجة التي تستطيع من خلالها أن تدعي معرفتك الكافية بهم.
من خلال تلك العشرة بغض النظر عن الوسيلة بتقدر تكتشف ان فيه ناس قلوبهم بيضاء وفيه ناس من أصحاب القلوب السوداء. وبالرغم من وجود اللون الرمادي في حياتنا اللي اني اقدر أشوف ده في نوعية العلاقات والمواقف والسلوك وحتي في الالتزام بالقيم الأخلاقية والانسانية. أما القلوب فمافيهاش رماديات. القلوب يا إما بيضاء أو سوداء.
والحقيقة اني عشت جزء كبير من حياتي مش مركز قوي مع الفرق بين أصحاب القلوب البيضاء وأصحاب القلوب السوداء إلا فيما ندر. وكنت قادر اتعايش مع اللونين من منطلق احترامي للاخر وتقديري لأهمية الحوار والتنوع بين البشر. وكنت في حالات كثيرة أكثر انجذابا للذكاء والحنكة والمهارات والقدرات وأصحاب المعرفة. ويمكن يكون ده من أسباب نجاحاتي وتفوقي في بعض أوجه الحياة.
لكن خلال العقد الأخير من عمري ابتديت أدرك قيمة وجمال الناس أصحاب القلوب البيضاء. وأضع هذه القيمة علي قمة أولوياتي في اقترابي واهتمامي بالناس. وأصبحت أمقت كل من هو قلبه أسود حتي لو كان فذا وعبقريا. وأدركت كيف أننا في عالم نحتاج تضامن وتوحد جميع أصحاب القلوب البيضاء ونبذ أصحاب القلوب السوداء، أملا في أن يعلو يوما صوت دعاة الخير علي دعاة  الشر.
دعوة للتأمل.
    ( بوست من صفحته على موقع فيس بوك )

التعليقات