لماذا يبيض الديك مرة واحدة؟

البعض يصفها ببيضة الديك، أى أنها تحدث مرة واحدة فى العمر، وكأنها المعجزة، مع رحيل المطرب البدوى على حميدة عادت مرة أخرى للذاكرة (لولاكى)، الأغنية قطعا لم تغب، ولكن الملابسات التى صاحبت هذا النجاح الاستثنائى أعادت لنا المشهد مجددا، خاصة ممن عاصروا هذا المطرب المثقف الذى وصل إلى أعلى مكانة علمية وجماهيرية، وذلك عام 88، والكل كان يتهافت عليه، ثم بدأ رحلة الانزواء السريع، انطفأت نيران الشهرة لتصبح مجرد رماد تزروه الرياح.

حكايات متعددة نستعيدها لمعرفة سر اللغز، وفى العادة نحاول البحث عن أسباب موضوعية، مثل سوء التخطيط أو الغرور أو المؤامرة، قطعا هناك، ربما شىء من الصحة، إلا أنه فقط يشير إلى بعض الأسباب، يقينا ليست كل الأسباب.

الموهبة منحة قدرية تطول بضع سنوات أو فقط بضعة أيام، (من الذى تآمر ضد على حميدة؟) هل كل شركات الكاسيت تعمدت إسقاطه؟ حصل على أكثر من فرصة وأنتج عددا من الأشرطة لم تستطع أى منها أن تقفز إلى نصف نجاح (لولاكى)، هناك شىء مرتبط بوهج داخلى يخلق لمسة سحرية بين الفنان وجمهوره قد تتجدد أو تتبدد.

تكررت كثيرا، فى أكثر من مجال، هناك كُثر عانقوا النجاح مرة واحدة، هل تتذكرون الممثل عبد العزيز مكيوى المناضل المثقف (على طه) بطل فيلم (القاهرة 30) أمام سعاد حسنى، واحد من أنجح أفلامنا، وقع اختيار المخرج صلاح أبوسيف على هذا الفنان الموهوب، إلا أنه لم يكررها.

قفز للذروة ومن بعدها لم يستطع إكمال الطريق، كان له العديد من المحاولات حتى مطلع الألفية الثالثة، إلا أن الشرارة مع الجمهور لم تتكرر، انطفأ فى لحظات، وفى النهاية عثروا عليه يعيش فى الشارع، يتسول قوت يومه، ولم يتذكر حتى أنه لعب دور (على طه).

لديكم المطرب الشعبى حمدى باتشان بعد بضعة أشهر من نجاح (لولاكى) ردد الشارع المصرى (الأساتوك)، والذى يعنى كعب الحذاء العالى، الأغنية كتبها أمل الطائر، ولحنها حسن إش إش (إيه الأساتوك ده / إللى ماشى يتوك ده / إللى يصحى النايم ده) والشطرة الأخيرة أقضت مضجع الرقابة فقررت مصادرة الشريط.

حصل باتشان على عدة فرص، أضاعها تباعا ولا يزال يحاول إلا أنه لم يعرف طريق النجاح سوى مرة واحدة.

أحيانا نجد أن مطربا قدم مئات الأغنيات، وواحدة فقط تحقق النجاح لتصبح عنوانه، مثل رجاء عبده التى يعرفها الناس باسم مطربة (البوسطجية) التى كتبها أبو السعود الأبيارى ولحنها محمد عبد الوهاب، أيضا نجاة على مطربة (عش الهوى المهجور) تأليف إمام الصفطاوى وتلحين أحمد صدقى (وإن رحت مرة تزور / عش الهوى المهجور / سلم على قلبى)، المطرب محمد مرعى (لأ يا حلو لأ) تأليف مرسى جميل عزيز وتلحين كمال الطويل، وحورية حسن (من حبى فيك يا جارى) لمرسى والموجى.

بعض المخرجين قدموا عشرات من الأفلام، ويتبقى فى الذاكرة واحد مثل كمال عطية صاحب (قنديل أم هاشم) الذى اختير للمخرج ضمن أفضل 100 فيلم فى تاريخ السينما المصرية.

بيضة الديك ربما، ولكن حتى لو كانت كذلك فهى تستحق أن نسأل لماذا لا يبيض الديك أكثر من مرة، طالما فعلها مرة؟.

التعليقات