إهانة الفن .. وصمت النواب !

 

صدمتُ مثل الكثيرين بالعبارة المهينة للفن والفنانين من سيادة النائب البرلماني رياض عبد الستار، متهما إياهم بأنهم يسعون في الأرض فسادا، وما زاد الطين بلة إصراره علي عدم الاعتذار عما بدر منه تحت قبة البرلمان!
إذا كان النائب يرى أن الفنانين غير شرفاء، ويسعون في الأرض فسادا، فلماذا لا يقدم ما لديه من أدلة تعضد كلامه للأجهزة الأمنية ضد هؤلاء الفنانين الفاسدين؟! وإذا كانت الأعمال الفنية تحرّض علي الفسق والفجور، وتسبب الانحراف الاخلاقي وهدم المجتمع، فلماذا لا يتقدم باستجواب للمسئولين عن إنتاج وعرض تلك الأعمال؟! أم أنه يعتبر مساهمتهم في صندوق شهداء ومصابي العمليات الحربية والأمنية، تكفير ذنوب وعقوبة علي ما يقدمونه من فساد وانحراف؟! إذا كانت تلك رؤيته عن الفن والفنانين فالأولي به أن يرفض بكل إباء وشمم دخول أموالهم الفاسدة في صندوق الشهداء الذين ضحوا بأرواحهم من أجل الوطن، ويطالب بتقطيع أيديهم وأرجلهم من خلاف!!
يا سيادة النائب هذا تحريض لا يليق بفكر من يتحدث بصوت الشعب، وتشويه لقوة مصر الناعمة التي نالها ما يكفي من أصحاب الفكر الوهابي الرجعي، وقبل أن تتهم الفن والفنانين بالفساد، راجع دفاتر البرلمان السابق، وطالب بمحاسبة النواب الذين قدموا 68 طلب إحاطة ضد وزيرة الثقافة، بسبب منع نقابة المهن الموسيقية أغاني المهرجانات وما تحوي من بذاءات وانحطاط، ومطالبة النقيب بعدم ظهورهم في وسائل الإعلام والاحتفالات العامة، ورَفض منحهم عضوية النقابة حتي لا يحصلوا علي لقب فنان.
الأمر الغريب أن نواب المجلس انتفضوا عن بكرة أبيهم، حين أساء النائب عبد العليم داوود لزملائه بالمجلس وقال عنهم "نواب كراتين"، وقامت الدنيا ولم تقعد إلا بعد خروج النائب من الجلسة، وتحويله الي هيئة مكتب المجلس، في حين لم نسمع صوتا واحدا من بين 596 نائبا مستقلا أو حزبيا أو معينا، حين أهان  النائب عبد الستار الفن والفنانين. ما هذه الازدواجية التي نشهدها؟ نتباهى بالفنانين في كل احتفالاتنا، وبأدوارهم الوطنية علي امتداد التاريخ، ومواقفهم الداعمة للدولة المصرية في كل الأزمات والتحديات، ونعتبرهم أحد أدوات تنوير وتوعية المجتمع، ومحاربة الأفكار المتطرفة، ونصمت حين توجه لهم الاهانات والاتهامات. إن هناك أطباء يتاجرون في أعضاء البشر، ونواب برلمانيين طالتهم اتهامات وارتكبوا أفعلا يعاقب عليها القانون، وشيوخا ومدرسين اتهموا بالتحرش، ومع ذلك لم يزعم  أحد أنهم يسعون في الأرض فسادا.
إن كلمات التقدير التي وجهها المستشار حنفي جبالي رئيس البرلمان، باسمه وباسم المجلس، هي في الواقع بمثابة اعتذار من الأعضاء علي مشاركتهم بالصمت، أمام اتهامات زميلهم النائب الموقر للفن والفنانين.
عن (أخبار اليوم) 
التعليقات