سؤال عن صُبحى فى (قرطاج)!

لا يغيب الشأن المصرى أبدًا عن الشارع التونسى، مصر حاضرة بكل أطيافها، سألنى موظف الاستعلامات فى فندق (إفريقيا)، عن سر الهجوم الضارى الذى يتعرض له محمد صبحى فى الإعلام وعلى صفحات (السوشيال ميديا) بعد حفل اليوبيل الذهبى 50 عاما من الإبداع؟

لو كنت بالقاهرة لسارعت بالتهنئة، على المشوار المرصّع بالإنجازات، لدىّ ملاحظات قطعًا ليست كلها فى صالحه، وكثيرًا ما انتقدت أسلوبه التلقينى فى عدد من أعماله مثل مسلسل (ونيس)، وكتبت معترضا (أستاذ حمام لسنا زغاليل)، صبحى الإنسان يغضب، إلا أن صبحى الفنان لا يعدها أبدًا خصومة شخصية.

منذ منتصف السبعينيات كان الرهان عليه بقوة كنجم سينمائى، بينما (جيناته) مسرحية، كثيرًا ما اعتذر عن أدوار مهمة مثل (الراقصة والطبال)، فكان من نصيب أحمد زكى وغيرها من الأفلام، موجته مضبوطة أكثر على إيقاع الدقات الثلاث التى تسبق العرض المسرحى.

ومع رفيق الرحلة الكاتب الموهوب لينين الرملى قررا أن يقدما حالة مغايرة تشبههما ولا تشبه أبدًا مسرح الدولة ولا المسرح الخاص، الجدية الممزوجة بالجماهيرية، هذه هى الوصفة، وهكذا تجد مسرحيات مثل (أنت حر) و(وجهة نظر) و(بالعربى الفصيح) وكانت البداية مع إحدى الفرق الخاصة (انتهى الدرس يا غبى) منتصف السبعينيات، بينما فى مطلعها كان صبحى يقدم من إنتاجه (هاملت).

الرجل بعد نصف قرن، قدم تمثالاً لكل من صنعوا مشواره، فى عيد الميلاد عادة نرسم صورتنا على (التورتة)، لديكم مثلا السيدة فاطمة اليوسف أطلقت اسم الشهرة على المجلة (روزاليوسف) وتصدرت صورتها ولا تزال الغلاف، ولم يكن لها عام 25 مع صدور العدد الأول للمجلة أى علاقة بالصحافة، بل قال لى الأستاذ الكاتب الكبير لويس جريس إنها لم تكن تجيد الكتابة، والمقالات الموقعة باسمها هى فقط صاحبة أفكارها بينما الكاتب الكبير محمد التابعى تولّى الصياغة. بعد هزيمة 67 أقامت سيدة الغناء العربى مشروعًا حمل اسمها (دار أم كلثوم للخير) ولم يعترض أحد، والكاتب الكبير مصطفى أمين أطلق فى حياته جائزة تحمل اسمه وصورته مع توأمه على أمين.

من حقك قطعًا أن تعتبر أن صبحى ليس فى قامة مصطفى أمين فى الصحافة، ولا أم كلثوم فى الغناء، ولكن لا أحد منا من حقه أن يصادر الرأى الآخر الذى يرى أنه أرسى فى تاريخ المسرح الخاص صفحات لا تُنسى، وأنه أنفق من جيبه هو ورفيقه لينين الرملى، واستمر بعدها، كل منهما يقدم رؤيته منفردًا، كان مسرحًا مختلفًا وجادًا وشاهدنا من خلاله إعادة لأعمال عظيمة مثل (سكة السلامة) والفيلم الشهير (غزل البنات) وأوبرا (كارمن) وغيرها، كان سياسيًا يملك شجاعة أن ينتقد حسنى مبارك فى زمن حسنى مبارك.

أختلف أحيانا مع نظرته الفنية التى يرتدى فيها (بدلة ونظارة) حضرة الناظر، ولكن لا أغفل أبدًا نصف قرن (اليوبيل الذهبى) من العطاء، ولا يزال الرجل (يعافر) فى الميدان، رغم كل المعوقات، إذا لم يكن كل هذا العطاء محل تقديرك، عليك أن تعتبره شأنًا خاصًا، بصاحبه، (تورتة) عليها صورته شاركه فيها أصدقاؤه، وأنت لست من بينهم.

صبحى.. اختلفت معك بقدر ما اتفقت، ولكنك أبهجتنى روحيًا وعقليًا وننتظرك فى اليوبيل (الماسى)!!

(المصري اليوم)

التعليقات