(على قد الشوق).. دعوة صريحة للتحرش!

فى أحد التسجيلات التى أجريتها مع الموسيقار الكبير كمال الطويل، روى لى أن أغنية عبدالحليم حافظ (على قد الشوق) توثق حكاية حب مستحيلة عاشها على أحد شواطئ الإسكندرية، عندما رأى فتاة حسناء، من المنطقى أنها كانت ترتدى (مايوه)، غازلها قائلا (على قد الشوق اللى فى عيونى/ يا جميل سلم)، ولا أدرى هل الجميل سلم أم (عملت نفسها من بنها)؟، فى طريق عودتهم لـ(الكابينة)، قال له عبدالحليم إنها تصلح كمطلع أغنية وبدأ الطويل (الدندنة)، وتواصلا مع الشاعر محمد على أحمد، فأكمل (أنا ياما عيونى/ عليك سألونى/ وياما بتألم) وبسبب النجاح الطاغى للأغنية تم إنتاج أول أفلام عبدالحليم (لحن الوفاء)، الاتجاه فى البداية أن يحمل الفيلم اسم (على قد الشوق)!!.

أريدك فقط أن تتذكر أن هذه الأغنية انطلقت عام 1954، وأسفرت عن أكثر من نجاح، أولا صار عبدالحليم مطربا جماهيريا سبق فى نجاحه كل معاصريه، وقال الشاعر والكاتب الكبير كامل الشناوى: (على قد الشوق هى الطبق الطائر، الذى صعد بعبدالحليم إلى السماء السابعة)، ثانيا بدأت السينما تلهث للتعاقد معه على أفلام غنائية، رغم أنه قبلها بعام واحد عندما رشحه المخرج عاطف سالم لغناء (تتر) فيلم (فجر)، اعترضت المنتجة مارى كوينى، وهى واحدة من أشهر رائدات السينما المصرية، وقالت للمخرج: (وجهه ليس فوتوجينيك، يغنى فقط بصوته).

لم ينس لها عبدالحليم، طوال حياته، هذا الموقف أبدا، ورفض أن يلعب بطولة أى فيلم من إنتاجها، حتى بعد أن قدمت له شيكا على بياض، ثالثا النجاح أيضا دفع عبدالوهاب للموافقة على التنازل عن الدعوى القضائية التى أقامها ضد عبدالحليم، لأنه لعب بطولة أفلام من إنتاج آخرين، قبل أن ينفذ تعاقده معه، كما أنها ساهمت فى شراكة فنية وإنتاجية بين عبدالوهاب وعبدالحليم تبلورت فى (صوت الفن) التى أنتجت عشرات من الأفلام والأغنيات، وليست بالضرورة كلها لعبدالوهاب وعبدالحليم.

تخيل أنك فى هذا الزمن تقمصت دور كمال الطويل ورأيت فتاة جميلة تعبر الشارع، وقلت فقط: (على قد الشوق)، ولم تكمل، حتى (يا جميل سلم)، أى أنك عبرت فقط عن مشاعرك، ولم تنتظر رد السلام، ح تلبس على الفور قضية تحرش، وستصبح فضيحتك بجلاجل، وستكتشف أن الجميع يقذفونك بكل ما فى حوزتهم من قسوة وعنف ومثالية مزيفة.

توصيف التحرش فضفاض، ويختلف فى الزمان والمكان، بل داخل المكان والزمان الواحد، ربما تكتشف أن ما هو مقبول فى دائرة مرفوض فى أخرى، المداعبة بكلمة قد يتقبلها البعض فى موقف وربما فى آخر وبنفس المفردات وعلى حسب مزاج المتابعين تجد أن (الكلابشات) فى إيديك، وفين يوجعك و(كله ضرب ضرب مفيش شتيمة).

تنويه لابد منه، هذا المقال مؤكد يرفض التحرش بكافة أنواعه وصوره وأنماطه، المقصود قبل أن يلبسنى أحدهم قضية، هو أن ليس كل ما يبدو ظاهريا تحرشا هو بالضرورة تحرش و(على قد الشوق اللى فى عيونى/ يا جميل سلم).

(المصري اليوم)

التعليقات