عزيزي كريم عبد العزيز : الازرق لا يليق بك!

"اشتغالة " فيلم "الفيل الازرق"  تضغط على النفس مثل الكابوس ، ولا شئ يمكن أن تخرج به من الفيلم إلا وقوع الانسان تحت سيطرة الوهم ، صحيح أن الفيلم في جزئه الثاني ، يدخل بنا إلى دائرة "أفلام الرعب" ،وهى منطقة جديدة على المشاهد المصري ،لكنه يحقق ذلك بالفعل على حساب العناصر الفنية.  
لا شك أن الفيلم يدور في خطوط درامية متشابكة بدءا من حياة د. يحيى وعلاقته بزوجته وأسرته، ودخولا في تفاصيل حياة فريدة المريضة النفسية وثالثا تداخل الواقع بالخيال ،عبر التخبط في عالم الفيل الأزرق، وما تعنيه كلمة "الأزرق " من عالم الوهم والمخدرات وحبوب الهلوسة، وهي ثلاثة مسارات يلهث المشاهد وراءها في متابعة الأحداث، واكتشاف علاقاتها الخفية ، من خلال عبارات الحوار ووجهة نظر الشخصيات.
وفي اطار ذلك كله قدم كريم عبد العزيز الشخصية المعقدة نفسيا بامتياز، ونضج فني كبير، وظهر ذلك من خلال القدرة على التجسيد ، وخاصة فيما يتعلق بالانفعالات ، وردود الأفعال، والتي تنعكس على صفحة وجهه ،سواء كانت تعبيرات الخوف والقلق أو مشاعر التوتر والاجهاد والارتباك.
وقدمت هند صبري دور "فريدة" المريضة النفسية في الفيلم ، كما لم تمثل من قبل ،واستطاعت أن تستوعب كل مفردات الشخصية ،وتقدم دورا مليئا بالتعبيرات والتحولات ، وتتقمص حالات صراعها النفسي ، ومعاناتها الغامضة، وظهر ذلك من خلال تشتت نظراتها ، وتعبيرات القلق والخوف الشديد على وجهها ، بالإضافة للحركات الجسدية العفوية الصادرة منها، وردود فعلها المفاجئة، والتي تخلع قلب المشاهد، وتبث فيه مشاعر الرعب.
وأعتقد أن هند صبري وكريم عبد العزيز قد تحملا عبء مساندة الفيلم "الآيل للسقوط" فمن وجهة نظري أن الفيلم رغم أنه يتضمن تجربة مميزة ،وحضور لافت للممثلين ، إلا أنه في النهاية يعد مغامرة، لأنه يثبت تضاءل التجربة السينمائية أمام الخيال الجامح الذي تحتويه الرواية المكتوبة.
وأعتقد أن مروان حامد قد بذل جهدا كبيرا ليترجم "الورق" إلى صورة بصرية مستعينا بالجرافيك،  لكنه لم يكن على نفس المستوى ،فقد "تاه" المخرج وراء مشاهد الحشرات، وحاول أن تكون الصورة بديلا للحوار، فسقطت بعض المشاهد فريسة للبطء والملل، والسذاجة أحيانا، مثيرة نوعا من السخرية بين المشاهدين ،وقد حدث هذا لأنها كانت تهدف إلى الابهار، وليس لخدمة الأحداث.
لذلك أقول إن تجربة الفيلم يمكن أن تقرأ في رواية ، أو تجمع بين دفتي كتاب ، لكنها لن تكون مناسبة لفيلم سينمائي محدود في وقته وامكاناته، فالأفلام تجيئ دائما أقل من أصولها الأدبية، والكاميرا لا تستطيع أن تنقل من الروايات إلا الجوانب الحركية والخارجية ، دون أن تتسلل الى الجوانب النفسية العميقة.
عزيزي كريم عبد العزيز ..أنت أكبر بموهبتك من هلاوس أحمد مراد ،وتجريب مروان حامد، لذلك أقول لك إن "الأزرق" لايليق بك.
( من صفحتها )

التعليقات