كده بايظة.. وكده بايظة..!

لا يختلف اثنان على جودة رؤية الدكتور طارق شوقى لتطوير التعليم فى مصر، وثمة اتفاق على أنها تعالج أوجاع التعليم فى مصر، وتجتهد فى إخراجه من دوائر التلقين إلى الفهم، ومن الاعتماد على المعلم إلى الاعتماد على المتعلم من خلال تمكينه من أدوات التعليم عبر أوعية مختلفة تتناسب مع التحولات المعاصرة فى تكنولوجيا التعليم، ونظم التقويم. كلامه عظيم للغاية لكن يعوزه توضيح الإجراءات والخرائط الزمنية لتطبيق النظام الجديد. كثير من خبراء التعليم يشتكون من عدم وجود وثيقة تحدد خارطة الطريق التى ستحكم مسيرة التطوير خلال السنوات المقبلة، ما يعنى غياب الرؤية الإجرائية.

كان من المزمع أن يتم بدء الدراسة بمرحلة رياض الأطفال والصف الأول الابتدائى أول سبتمبر المقبل، تمهيداً لتطبيق خطة التطوير الكبرى التى تتبناها الوزارة على الجيل الجديد من المتعلمين، منذ أيام أُعلن عن تأجيل الدراسة بالمرحلتين إلى 22 سبتمبر لتبدآ مع المراحل التعليمية العادية. وهناك قرار آخر سبق واتخذه الوزير بجعل السنة الأولى الثانوية هذا العام سنة تجريبية للبدء فى تدريب الطلاب على التقنيات التعليمية الجديدة والنظام الجديد للأسئلة والتقويم، ولا يدرى أولياء الأمور حتى الآن هل سيسرى هذا القرار أم سيتم التراجع عنه مع بدء العام الدراسى؟. وزارة التعليم أعلنت أن التأجيل جاء استجابة لطلبات أولياء الأمور، وهو كلام يتناقض مع ما سبق وصرح به الدكتور طارق شوقى من أن «النظام الجديد سيطبق شاء الناس أم أبوا». الحقيقة أن الوزارة لم تستعد فأجلت، لكن السؤال: هل يكفى 20 يوماً لإنجاز الإعدادات المطلوبة على مستوى الكتب والتقنيات وتدريب المعلمين؟. الرؤية الجيدة مهمة، لكن الخطط الإجرائية لا تقل أهمية عنها، ووضوح الخرائط الزمنية للتنفيذ أمر لا مفر منه إذا أردنا النجاح.

لقد انزعجت للغاية من تعليق المتحدث باسم وزارة التربية والتعليم، خلال مداخلة تليفونية مع الإعلامى جابر القرموطى فى برنامجه «مانشيت»، قال فيه: «إحنا فى المركز 148 من 148 على مستوى العالم، وماعندناش حاجة نبكى عليها»، مشيراً إلى أن نظام التعليم الجديد يصب فى مصلحة الطلاب!. التفكير بمنطق «ليس لدينا ما نخسره» أو «كده بايظة.. وكده بايظة» لا يؤدى إلى نجاح، لأنه ببساطة يتخذ من الفشل ذريعة لتبرير فشل أية محاولات لإنقاذ ما يمكن إنقاذه فى نظامنا التعليمى. ولا أتصور أن الدكتور طارق شوقى يفكر بهذه الطريقة. لست ضد التجريب، بشرط أن يكون هادفاً إلى تصحيح الأوضاع، أما التجريب المطمئن إلى أن أحداً لن يحاسبك فى حالة الفشل لأنك تسلمت نظاماً فاشلاً فلا يرضى أحداً، التجريب الذى يعتمد على التصرف حسب الأحوال مرفوض أيضاً، لا بد من وجود خطط ومسارات إجرائية واضحة. وأنصح المتحدث الإعلامى باسم الوزارة بأن يفهم أن لدينا ما نخسره فى هذه التجربة. إنه قرض الـ500 مليون جنيه الذى حصلنا عليه من البنك الدولى لتمويل خطة إصلاح التعليم. هذا القرض لن تسدده الوزارة، بل سيسدده المصريون!.

** عن الوطن 

 

التعليقات