المقاومة.. الخيار الوحيد

المقاومة أصبحت السبيل الوحيد المتاح أمام الفلسطينيين إذا أرادوا الاحتفاظ بما تبقّى لهم من دولتهم التى احتل الصهاينة أغلب أرضها، المقاومة هى السبيل الوحيد بعد قرار الأحمق «ترامب» الذى أعطى الاحتلال الإسرائيلى للقدس شرعية أمريكية. التفاوض لا يُجدى مع طرف يؤمن بالاستعمار الاستيطانى. العرب لم يستوعبوا منذ صدور وعد بلفور 1917 أنهم أمام مشروع استعمار استيطانى يقوم على فكرة ابتلاع الأرض، وأنه إذا حدث وأعاد أرضاً احتلها فإنه لا يسمح لأصحابها بالتوطن فيها وإعمارها والعيش فيها (سيناء بعد اتفاقية السلام نموذجاً). احتل الصهاينة القدس الغربية عشية نكبة 1948، ثم احتل الشرقية عقب عدوان 1967، وها نحن أولاء أمام اعتراف أمريكى بالقدس الغربية والشرقية عاصمة موحدة لإسرائيل.

على الفلسطينيين أن يستوعبوا أن المقاومة هى الخيار الوحيد ولا يسمعوا إلى المخنثين من رجال الإعلام والسياسة الذين يتحدثون عن «السلام الوهمى» مع إسرائيل. إسرائيل لا تعرف سوى لغة القوة، ومنهجية فرض الأمر الواقع. الاستسلام للعبة التفاوض يعنى المزيد من الخسائر. وإذا تساوت الخسائر فعلى العاقل أن يسلك الطريق الذى يوجع عدوه. كانوا بالأمس يتحدثون عن «نزع سلاح حماس» تمهيداً للدخول فى مفاوضات صفقة القرن التى سوف تمزق الدولة الفلسطينية كل ممزق حتى يرضى الأمريكان والصهاينة، بعدها أعلن «ترامب» القدس عاصمة لإسرائيل. بدا «ترامب» وهو يعلن قراره الانتحارى وكأنه يرتدى قميص حاخام يهودى يتلو صلاة توراتية قبل إعلان مشيئة رب إسرائيل، يحدث هذا فى وقت يتهم فيه العرب الفصائل الفلسطينية التى ترفع شعار المقاومة ضد احتلال استيطانى بالتطرف والتشدد!

خيار المقاومة هو الخيار الوحيد بعد سنين من التفاوض غير المجدى. لقد قالها الأحمق وهو يتحدث عن الإدارات الأمريكية السابقة التى تلكأت فى اتخاذ قرار نقل السفارة، رغم أن الواقع على الأرض يقول إن إسرائيل تحتل القدس كاملة. وقد مكث العرب سنين لا يرون خياراً غير السلام، وها نحن اليوم نجنى نتاج التفاوض مع عدو لا يؤمن إلا بلغة القوة وفرض الأمر الواقع. قال «ترامب» أيضاً إنه يحمى إسرائيل كنموذج رائع للديمقراطية، وكأنه يبعث برسالة للعرب بأنكم غير إسرائيل التى توافق أهلها على ابتلاع الأرض، وعليكم يا عرب، يا من لا تعرفون الديمقراطية، أن تبتلعوا ما حدث، فإن لم تبتلعوه طوعاً فسوف تبتلعونه كرهاً بأيدى المفاوضين الكبار.

لا ينتظرنَّ الفلسطينيون أى دعم أو مساندة من الحكام العرب. نعم فى أيديهم أدوات كثيرة يمكن استخدامها، فى أيديهم علاقات يمكن قطعها، واتفاقيات ومعاهدات يمكن تعليقها، وبترول يمكن أن يمنعوه، ومليارات الدولارات التى يمكن أن يوقفوا ضخها إلى الغرب، بإمكانهم الكثير مما يمكن أن يفعلوه لكنهم لن يفعلوا. فمن فرح لفوز «ترامب» بالانتخابات أو من حج إلى تل أبيب من الصعب عليه أن يُغضب من يظنه داعماً له فى الحكم. ألم يقلها «ترامب»: «إسرائيل النموذج الوحيد للديمقراطية فى المنطقة»؟. على الشعوب العربية أن تدعم مقاومة الفلسطينيين إذا كانت تؤمن بعروبة القدس. عليهم أن يفهموا أن حكامهم لا يؤمنون إلا بالتفاوض الذى يؤدى فى النهاية إلى ضياع الأرض. من الضياع جاءوا، وإلى الضياع يعودون!.

التعليقات