حضور حكومي اقوي ما فيه .." الغياب" !

تلقيت اتصالا هاتفيا من الوزير الاسبق، فاروق حسني ،  بشأن ما كتبته الاسبوع الماضي ، حول  " قلادة النيل " الممنوحة للاستاذ نجيب محفوظ ، والتي تبين انها لم تكن من الذهب الخالص ، كما هو منصوص عليه في كتاب جوائز الدولة الرسمي ، وكما اعلنت الاستاذة ام كلثوم ابنة الكاتب العظيم ، حيث اكتشفت الاسرة ان القلادة الممنوحة مصنوعة من االفضة المطلية بالذهب .. كانت و جهة نظري و التي وضعتها تحت عنوان " في مسألة القلادة .. و خطورة البلادة" ، ان علي الحكومة  الحالية ان تتكلم ، ممثلة فيمن هو معني بالشق الثقافي ، لاننا ازاء "اهتزاز "لمصدقية دولة ، و انه المسألة لابد من حسمها رسميا خاصة بعد تصريح السيد فاروق حسني للاعلام بشأن وجود نوعين من قلادة النيل ، نوع يمنح للمصريين و هو من الفضة المطلية بالذهب و اخر يمنح للاجانب و هو من الذهب الخالص . الامانة تقتضي ان أطلع القارئ المتابع ، علي جوهر الاتصال الهاتفي للسيد فاروق حسني وزير الثقافة في الفترة التي تم فيها منح اديب نوبل نجيب محفوظ قلادة النيل . اكد السيد حسني  أمرين. واحد : انه لم يكن ليتكلم في الموضوع لو لم يكن متيقنا مما يقول،  و هو ان قلادة النيل التي تمنح للمصريين ، مصنوعة من الفضة و مطلية بالذهب ،  و علي ذلك فليس هناك ما يشوب القلادة الممنوحة لمحفوظ ، اثنين : انه امعانا في التأكيد توجه بالسؤال " لكبار" كانوا مسئولين عن هذا الامر في هذا الوقت  ، و انه تلقي منهم مزيدا من التأكيد علي صحة كلامه . كان يمكن للامر ان يتوقف عند هذا الحد، خاصة في ظل اصرار الحكومة الحالية علي الصمت ، لولا تقريرا صحفيا اعدته الزميلة" ايمان العراقي" ، و نشرته جريدة الاهرام في يوم واحد سبتمبر .  التقت الزميلة  بالسيد الدكتور محمد معيط ، نائب وزير المالية التابع لها مصلحة سك   العملة . التقرير اجمالا عن مصلحة سكة العملة، وانشاءها ،و تاريخها و دورها والمتحف و عناصر اخري جاءت في سياق التقرير الذي أعدته الزميلة و الذي يهما منه ، "سطران" بنص لسان الدكتور معيط نائب وزير المالية  ، الذي قال ".... من اهم الاوسمة ، قلادة النيل وهي "(تصنع من الذهب الخالص "). تكلم نائب وزير المالية عن "قلادة واحدة "تصنع من الذهب الخالص ، و لم يشر علي الاطلاق الي وجود" نوعين" منها ،  مع انه افرد وتوسع في شرح كل تفاصيل الاوسمة والانواط التي تسكها المصلحة للدولة المصرية و المصنعة من الذهب والفضة و درجاتها و انواعها و كان توصيفه لقلادة النيل واضحا و واحدا . قبلها بخمسة ايام و في نفس السياق ، سمعنا صوت السيد عبد الرءوف ثروت علي صفحات جريدة "صوت الامة مؤكدا ان : " قلادة النيل تصنع من الذهب الخالص  عيار ١٨ ، و وزنها ٤٨٨ جرام " و اضاف " احنا شغلنا كله سليم " و لما اقترحوا عليه "معاينة "قلادة الاستاذ نجيب التي هي الموضوع ،  كان رده "موحيا!"  -لي انا علي الاقل- فقد قال "احنا إيه يأكد لنا إن دي القلادة اللي خرجت من عندنا "!؟
و هكذا و ضعنا  السيد عبد الرءوف ثروت رئيس مصلحة سك العملة ، في مواجهة السؤال الذي ترفض الحكومة ان تجيبنا عليه " احنا ايه يأكد لنا ان القلادة التي خرجت من مصلحة سك العملة هي نفسها التي تسلمها الاستاذ نجيب "؟!
مع كامل الاحترام لكل من يتصدي للموضوع الذي لن يحسمه الا تحقيقا قضائيا امينا ، فإنه لا يجوز ان ندع  مصداقية وهيبة دولة علي محك منصات " قالوا .. و قلنا "
هناك مواقف ، من المفترض الا تمارس الحكومة فيهامتعة   ، "  التجاهل " و " بلادة الصمت " ... الذي اعتادت ممارسته ، مع الناس " اللي هم احنا" في ظروف  أخري عديدة ، بالفرجة علي علي منصات الاعلام و "قالوا وقلنا "علي اعتبار اننا شعب ، له ذاكرة سمكة " يقوم  .. يقوم وسرعان ما ينسي  . موضوع قلادة نجيب محفوظ ، ليس شأنا يخص اسرة نجيب محفوظ ولا  أمرا يخص الاستاذ نجيب نفسه .. انه موضوع يخص مصداقية " الدولة  " التي نحن قوامها ، و جوهرها ، و اصرار  الحكومة علي الصمت ، وعدم حسم المسئول الثقافي بها للامر ،  يسمح بأكثر من تفسيراو اكثر من تأويل  .. ابسطه علي سبيل المثال ان مصداقية الدولة لا تعنى الحكومة ، أو ان ثمة حماية ، بقصد او بدون قصد،  يتمتع بها " متلاعب "  ما ، كان في وقتها مسئولا ..
الاستهانة بالحسم الواجب من قبل المعنيين الحكوميين ، يضيف " كرة ثلج " في سياق الشعور بالثقة ، في   " حكومة"  اكثر ما يتسم به حضورها هو " الغياب"! 

( عن الوطن)

التعليقات