شعب ..و حكومة .. ومجلس !

هل نلوم" الشارع ،"وهو يراقب، بوجع وغضب ، حكومته التي تطالبه ليل نهار بتحمل ما يفوق الطاقة ، و هي تتقدم الي البرلمان ، مطالبة بتشريع يرفع ليس فقط مرتبات الوزراء، بل ايضا معاشاتهم ؟ وما هو رد الفعل المنطقي ، لما يرد "المتحدث "باسم "مجلس الوزراء" ، بأن الطلب الذي تقدم به مجلس الوزراء " دستوري" .. ؟ هل المشكلة في طلب مجلس الوزراء رفع مرتبات الوزراء ومعاشاتهم ، تكمن في كونه" دستوري " من عدمه ، او المشكلة اننا ازاء تناقض صارخ ، بين خطاب حكومي لا يكف ليل نهار عن مطالبة الناس ان يتحملو و " ييجوا " علي نفسهم ، و نفس الحكومة غير قانعة ، وتطالب برفع اجور وزرائها ، رغم كل البدلات والحدود العليا لدخولها بالقياس الي الاغلبية الشريفة ، والتي لا تقارن ، ليس بالفقراء ، بل بكل شرفاء الطبقة المتوسطة ،؟ هل نلوم الناس وهي تقف مشدوهة امام برلمان ، يدفع ١٨ مليون جنيه ثمنا لثلاث سيارات لوكيليه ورئيسه ، في ظل قحط حقيقي يمر به الكتلة الكبري من الشعب ، الصامت الصامد ( ، حتي لو كانت هذه السيارات مصفحة ، كان يمكن للمصانع الحربية ان تعالج ، مسألة التصفيح ، بتكلفة اقل بكثير )
رغم صدور البيان الذي اصدره مجلس النواب ، محاولا التبرير ، بعد نشر وثائق شراء السيارات ، فإن أقل ما يوصف به ، انه ، البيان "المتلحف بأقبح ما في البيروقراطية "من تلافيف "..
جوهر الموضوع ان الشعب ازاء حكومة ، و برلمان لا يشعران به ، ولا يتقاسما معه تلك اللحظة الشديدة الصعوبة.. حكومة ، لا تفتقد فقط ،اي حس سياسي ، بل حكومة ، قلبها جامد ، وعينها قوية ، ولا تجد ان هناك ما تستحي منه ، عندما تعصر الناس حتي اخر رمق و تتبغدد وتطلب زيادة دخل وزرائها .. الحكومة هي الاخري ، انضمت الي طابور الضغوط الفئوية ، التي تسود.. والتي شعارها :" كل فئة وشطارتها".…ا ومقدار ما تملكه ، من تأثير وقدرة علي الضغط ، ، لب المشكلة ، اننا ك شعب، لا يمكن ان نستشعر ان مجلسا نيابيا ، يستحل رئيسه و وكيلاه ، ان يركبوا سيارات بثمانية عشر مليونا ، ايا كانت المبرارات ، وعند انكشاف الامر ، يستتروا ، وعلي طريقة " المحامي ... " يأتي الرد البيروقراطي طوقا يتصورنه "منجيا" ، لكن يكفي الناس ويكفينا ان نشعر انه مجلسا ليس منا، حتي وان جاءت به انتخابات .. ولا ادري اي ضمير يمكن للمرء معه ان يرتاح وهو في سيارة ثمنها سته مليون جنيه و في الشارع يقف اصحاب معاشات يصرخون لا "نجد العيش الحاف" ..
المشكلة ليست في ان طلب الحكومة زيادة مرتبات وزرائها ومعاشاتهم " دستوري" ، ولا في ان مجلس النواب وجد خلاصابيروقراطيا " لفعلة " محملة بالدلالات .. المشكلة انهما معا في واد والناس المطحونه في واد وتلك هي الحقيقة وهذا هو الواقع الصريح الذي لا تحتاج دلالاته الي شروح .. هذه الحكومة التي تجلدنا بقرارت وان كانت ضروريه ، لا يمكن ان تكون معبرة عن شعب لا يتعدي فيه معاش من خدم الدولة لاكثر من اربعين عاما ، اقل من مائة دولار .. ( وبالمناسبة هذا معاش رئيس التحريرفي الؤسسات القومية، الذي لم يسرق ولم يختلس وسار بكل شرف ..وعليه حتي وهو في السبعين ان يستمر في الكد ليس فقط ليعول نفسع ويشتري العلاج بل بل ليعول من لم يجد من ابنائه ما يكفي للحد الادني من الحياة) .. الحقيقة انني لا اتوجه بهذه الكلمات لا الي الحكومة ولا للمجلس النيابي ، فما تصرفا به لا يمكن ان يستحق ان نتوجه لهما بكلام .. لكنني اتوجه الي السيد رئيس الجمهورية ، الذي منح الشاب الاسواني الامان، وهوالشاب الذي امتلك الشجاعة والنقاء فاضحا ، زيف الاداء المحلي المستمر وخديعته الكبري المزدوجة و التي لا يمكن غفرانها ، خديعة الناس، من جهة ، وخديعة من وثق بهم واولاهم المسئولية ، من جهة أخري ..
سيدي الرئيس منحت الشاب الاسواني الامان قائلا" لا تخف "مادمت لا تحمل مدفعا .. ، ونحن يا سيدي نحتكم اليك ، ونضع الامر بين يديك وقد " أمنتنا" .. ليس اليوم ولكن منذ الثلاثين من يونيو ، لما فوضناك ، سائلين المولي عز وجل ، أن يقيلنا من العثرة ، وان نسترد بلدنا .." آمنا" .. " عادلا"...و" العثرة " يا سيدي لم تكن او ليست فقط في ارهاب الداخل والخارج ، انما جزء لا يستهان به من عثرتنا : "غياب العدل " الذي تتعدد مظاهره ، والذي يمكن اعتبار تصرف "الحكومة" "والمجلس النيابي" ، احد ابرز تجلياته .... المصريون يا سيدي الرئيس ، في عمومهم ، بذلوا ويبذلون .. ليس "منا" ولكن ايمانا منهم" بنعمة الوطن "، الذي ليس لهم ولا لاولادهم غيره .. " العدل " هو اللحمة " ، بكسر اللام ، هو الحديد المسلح الذي يشد البناء المجتمعي ، ولا يصح وليس من العدل ، حتي لو كان الامر دستوري ، ان يطالب مجلس الوزراء بزيادة المرتبات والمعاشات ، والمستحقين ، حتي من شرائح الطبقات المتوسطة، يستحون ، والله يستحون من طلب ولو علاوة ، ليس من العدل ان نقرأ عن زيادات فئة هنا وفئة هناك ، وهناك من يتقاضي بعد عشرين او خمسة عشر عامافي جهات حكومية ذات رونق ، اجرا لا يمكنه حتي من شراء بدلة .. هل يتسق يا سيدي طلب مجلس الوزراء، حتي لوكان دستوريا ، و وضعية بلد شخصتموه " بالفقر "؟ هل يعقل ان الممثل النيابي عن "شعب فقير "، وكيلا كان او رئيسا للمجلس " و ايا كانت الظروف ، يركب سيارة بتكلفة سته مليون جنيه .. ربما لو اجر" طيارة " كان ارخص !
تعبنا من الكيل بمكيالين وتعبنا من الشعور بأن هناك " مصرين "و هذا امر شرحه يطول .. الا لوكانت هذه الحكومة وهذا المجلس يمثلان " مصر الاخري " غير التي تعيشها الاغلبية !

التعليقات