تنين وشيطان وذئب عملاق.. حكايات وأساطير تاريخية ارتبطت بـ"خسوف القمر"

إذا رفعت عينيك إلى السماء الليلة، فاستعد لمشهد نادر ومهيب، خسوف كلي للقمر يُشاهَد بوضوح في سماء المنطقة العربية.

 لكن هل تساءلت كيف تعاملت الحضارات والثقافات القديمة مع الخسوف؟ وكيف فسرت هذا المشهد قبل أن نمتلك علم الفلك؟.

كيف تعامل الإنسان القديم مع لحظة "اختفاء القمر"؟ بالتأكيد كانت تلك اللحظة هي بداية لحكايات وأساطير لا تصدق.

كل الحضارات حاولت أن تشرح خسوف القمر على طريقتها، فمن التنانين الغاضبة إلى الذئاب العملاقة، ومن الطبول إلى الطقوس السرية، فخرجت لنا بأساطير مدهشة وغريبة، لا تزال تروى حتى اللحظة.

يا بنات الحور.. القمر مخنوق

"يا بنات الحور سيّبوا القمر.. ده القمر معذور"، و"يا بنات يا حور الجنة ما تسيبوا القمر يتهنا" و"يا بنات الحور.. خللو القمر يدور"، بهذه الأغاني يخرج العديد من أطفال صعيد مصر خاصة في القرى والنجوع الصغيرة، ويجوبون الشوارع والميادين، حاملين الطبول والصاج، وسط زغاريد النساء، ولهو الأطفال، عندما يعلمون أن هناك خسوفا للقمر، والذي يطلقون عليه "خنقة القمر".

يبدأ الطبل والأغاني منذ أن يرون "القمر مخنوق"، ويرددون هذه الأغاني والعبارات والأناشيد والابتهالات، حتى الانتهاء من الأمر، اعتقادًا منهم بأن هذه الأعمال "تفك خنقة القمر" وتُنقذهم من الهلاك حال استمرار "خنقة القمر" لفترات طويلة.

شيطان شرب " إكسير الخلود"

في الهند، تحكي الأسطورة الهندوسية أن شيطانًا يدعى "راهُو" سرق جرعة من إكسير الخلود، لكن الإله "فيشنو" قطعه إلى نصفين، ورغم ذلك ظل رأس (راهُو) حيًا، ومنذ ذلك الحين يسعى للانتقام بمطاردة الشمس والقمر، وعندما يمسك بأحدهما، يحدث الكسوف أو الخسوف.

تنين جائع

وفي الميثولوجيا الصينية، يُعتقد أن تنينًا ضخمًا يبتلع القمر في أثناء الخسوف، وكان الصينيون يقرعون الطبول ويحدثون ضجيجًا عاليًا لإخافة التنين ودفعه لإطلاق سراح القمر.

نيران القمر

أما حضارة المايا -إحدى الحضارات القديمة التي ظهرت في منطقة أمريكا الوسطى والجنوبية- فربطت خسوف القمر بنذير شؤم، واعتبرته علامة على أن الأرواح الشريرة ستجلب الحروب والمجاعات، وكانوا يجرون طقوسًا خاصة ويدخنون القمر بإشعال النيران والصلاة لآلهتهم من أجل إنقاذه.

ذئب هائل

وتقول الأساطير الإسكندنافية (الفايكنج) أن الخسوف يحدث نتيجة مطاردة ذئب عملاق يدعى "هاتي" الذي يطارد القمر في السماء، وإذا التهمه، يحدث الخسوف، ويرون أن من علامات نهاية العالم أن ينجح الذئب في ابتلاع الشمس والقمر للأبد.

حدث جلل

في الموروث الشعبي العربي، خصصت صلوات الخسوف والكسوف كنوع من التضرع إلى الله، ورويت بعض الحكايات التي تقول أن الخسوف "علامة على غضب إلهي" أو نذير بحدث جلل، خصوصًا في المجتمعات البدوية.

فما هو الخسوف؟

هو ظاهرة فلكية تحدث عندما يحجب ظل الأرض ضوء الشمس المنعكس على القمر في الأوضاع العادية، وتحدث هذه الظاهرة عندما تكون الشمس والأرض والقمر في حالة اقتران كوكبي كامل (فيكون خسوفا كليا) أو تقريبي (فيكون خسوفا جزئيا).

أما مصطلح القمر الدامي فقد أطلق بسبب اللون الأحمر القاني للقمر المخسوف كليا، وهو ليس مصطلحا علميا ولكن أستخدم بسبب اللون المحمر للقمر الكامل المخسوف كليا، ويرجع ذلك إلى نفاذ طيف الشمس الأحمر (ذو طول موجة طويلة) في جو الأرض ويتشتت جزء الطيف الأزرق (ذو طول موجة قصيرة)، بالإضافة إلى عوامل التلوث الجوي التي تؤثر على كمية الأشعة عندما يمر ضوء الشمس عبر الغلاف الجوي للأرض.

وفقًا لدار الافتاء، فإن خسوف القمر هو ظاهرة فلكية ينتج عنها اختفاء ضوء القمر عن الأرض لبعض الوقت، وهو ما أكده مجلس الإمارات للإفتاء فوصفه بأنه غياب لضوء القمر أو جزء منه بسبب حيلولة الأرض بينه وبين الشمس، وهو آية من آيات الله تعالى، تذكر الناس بقدرته تعالى وعظمة ملكوته، وتدعو إلى التفكر في بديع صنعه والتضرع إلى واسع رحمته سبحانه، وانكسفت الشمس على عهد رسول الله.

وذكرت دار الإفتاء، في بيان، أن الخسوف أو الكسوف من آيات الله في الكون ولا يعد وقوع أحدهما علامة على شيء كما لا يعد وقوع أحدهما مرتبطًا بوقوع حادث أو توقع مكروه في المستقبل؛ بل إن وقوعهما أحد أسباب اللجوء إلى الله تعالى؛ فعن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما، أنه صلى بأهل البصرة في خُسوف القمر ركعتين، وقال: «إِنَّمَا صَلَّيْتُ لِأَنِّي رَأَيْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُصَلِّي، وَقَالَ: إِنَّمَا الشَّمْسُ وَالْقَمَرُ آيَتَانِ مِنْ آيَاتِ اللهِ لا يُخْسَفَانِ لِمَوْتِ أَحَدٍ وَلَا لِحَيَاتِهِ، فَإِذَا رَأَيْتُمْ شَيْئًا مِنْهَا خَاسِفًا فَلْيَكُنْ فَزَعُكُمْ إِلَى اللهِ تَعَالَى» أخرجه الشافعي في "المسند".

 

التعليقات