"هل تكفِّر عن جريمة وعد بلفور؟".. بريطانيا تدرس الاعتراف الرسمي بفلسطين

كشف ديفيد كاميرون، وزير الخارجية البريطاني، عن أن بلاده تدرس الاعتراف رسميًا بالدولة الفلسطينية، بعد مرور أكثر من مئة عام على ما يسمى بـ"وعد بلفور" الذي منحت بريطانيا بموجبه حقًا لليهود في تأسيس وطن لهم في فلسطين المحتلة.

وأكد "كاميرون"، خلال اجتماع مع مجموعة من السفراء العرب، أمس الإثنين، ضرورة منح الفلسطينيين أفقًا سياسيًا؛ لتشجيع السلام في منطقة الشرق الأوسط. وقال "كاميرون" إن المملكة المتحدة ستدرس الاعتراف بالدولة الفلسطينية؛ من أجل تحقيق سلام "لا رجعة فيه" بين إسرائيل والفلسطينيين. وأشار إلى أن بلاده سوف تنظر مع حلفائها في مسألة الاعتراف بالدولة الفلسطينية داخل أروقة الأمم المتحدة. وأضاف كاميرون، في تصريحات نقلتها وسائل إعلام بريطانية، أنه "يجب منح الفلسطينيين أفقًا سياسيًا لتشجيع السلام في الشرق الأوسط".

وتابع كاميرون، الذي بدأ هذا الأسبوع زيارته الرابعة للمنطقة منذ تعيينه وزيرًا للخارجية في نوفمبر الماضي، إن المملكة المتحدة "تتحمل مسؤولية تحديد الشكل الذي ستبدو عليه الدولة الفلسطينية". وأشار إلى أنه يجب أن "يظهر للفلسطينيين تقدمًا لا رجعة فيه نحو حل الدولتين"، موضحًا أنه "سيتم النظر مع الحلفاء" في مسألة الاعتراف بالدولة الفلسطينية، بما في ذلك في الأمم المتحدة.

اعتراف رسمي بدولة فلسطين

واقترح كاميرون أن بريطانيا "يمكن أن تمنح اعترافًا دبلوماسيًا رسميًا بالدولة الفلسطينية، ليس كجزء من اتفاق سلام نهائي، ولكن في وقت مبكر، خلال المفاوضات نفسها". وأضاف أنه في الوقت نفسه، "يجب أن تكون هناك سلطة فلسطينية جديدة، مع قادة تكنوقراط قادرين على حكم غزة".

والأسبوع الماضي، عقد كاميرون مباحثات مع رئيس السلطة الفلسطينية، محمود عباس، في مدينة رام الله بالضفة الغربية المحتلة. وأطلع "عباس"، وزير الخارجية البريطاني على آخر التطورات، خاصة في قطاع غزة، مؤكدًا ضرورة "الوقف الفوري" للعمليات العسكرية الإسرائيلية "في غزة والضفة والقدس"، وضرورة "تسريع إدخال المساعدات الإنسانية، ووقف هجمات القوات الإسرائيلية والمستوطنين"، حسبما نقلت وكالة الأنباء الفلسطينية "وفا".

وجدد "عباس" رفض السلطة الفلسطينية القاطع لتهجير الفلسطينيين من قطاع غزة أو من الضفة، بما فيها القدس المُحتلة، مشددًا على أنه "لا حل أمني أو عسكري لقطاع غزة، وأن غزة هي جزء لا يتجزأ من الدولة الفلسطينية".

كما شدد على أنه لا يمكن القبول أو التعامل مع مخططات السُلطات الإسرائيلية في "فصل القطاع عن الضفة بما فيها القدس المُحتلة، أو إعادة احتلاله، أو اقتطاع أي جزء منه".

من جهته، قال وزير الخارجية البريطاني في منشور على منصة "إكس"، إنه، حدد خلال اللقاء خطة للانتقال من فترة التوقف المؤقت، لإدخال المساعدات وإطلاق سراح المحتجزين، نحو وقف دائم لإطلاق النار، يؤدي إلى حل سياسي طويل الأمد، بما في ذلك إقامة دولة فلسطينية.

الوثيقة الأوروبية للسلام

وتأتى تصريحات كاميرون، بعد أسبوع، من اجتماع وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي، في بروكسل، الإثنين الماضي، وناقشوا فيه خطة سلام شامل بين إسرائيل والفلسطينيين، قائمة على حل الدولتين.

وعرض مسؤول السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي، جوزيب بوريل، خلال الاجتماع، "خطة شاملة للسلام" تتضمن خارطة طريق من ثلاثة محاور بعشر نقاط، تنطلق من وقف الحرب في قطاع غزة مرورًا بإعادة إعماره وصولًا إلى قيام الدولة الفلسطينية.

وعرض مسؤول السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي اقتراحات التوجّه نحو حلّ الدولتين، مع استخدام وسائل الضغط الأوروبية للدفع نحو تطبيقه على أرض الواقع وهو الذي بقي لعقود من الزمن مجرد حبر على ورق.

107 أعوام على وعد بلفور

وتأتى تصريحات كاميرون بشأن دراسة الاعتراف بالدولة الفلسطينية رسميًا، بعد مرور ما يقرب من 107 أعوام على "وعد بلفور"، الذي أصدره وزير خارجية بريطانيا الأسبق آرثر جيمس بلفور، في الثاني من نوفمبر عام 1917، ومنح بموجبه حقًا لليهود في تأسيس وطن لهم في فلسطين، بناءً على المقولة المزيفة "أرض بلا شعب لشعب بلا أرض".

وبهذا الوعد تحققت العبارة الشهيرة التي تلخص حالة من هذا القبيل: "لقد أعطى من لا يملك وعدًا لمن لا يستحق"، وليكون ذلك اليوم يومًا أسود في تاريخ الشعب الفلسطيني، بل في تاريخ البشرية كلها، وضربة للعدالة والشرعية الدولية.

وكان هذا الوعد بمثابة الخطوة الفعلية الأولى للغرب على طريق إقامة كيان لليهود على أرض فلسطين؛ استجابة لرغبات الصهيونية العالمية على حساب شعب أصيل مُتجذر في هذه الأرض منذ آلاف السنين.

وجاء الوعد على شكل تصريح موجه من قبل وزير خارجية بريطانيا آنذاك آرثر جيمس بلفور في حكومة ديفيد لويد جورج، في الثاني من نوفمبر عام 1917م إلى اللورد روتشيلد (أحد زعماء الحركة الصهيونية العالمية) وذلك بعد مفاوضات استمرت ثلاث سنوات، دارت بين الحكومة البريطانية من جهة، واليهود البريطانيين والمنظمة الصهيونية العالمية من جهة أخرى؛ واستطاع من خلالها الصهاينة إقناع بريطانيا بقدرتهم على تحقيق أهداف بريطانيا، والحفاظ على مصالحها في المنطقة، وحصلوا على هذا الوعد.

 

التعليقات