من الاحتلال إلى الحرب إلى التحرير.. حكاية استعادة مصر سيادتها على "أرض الفيروز"

25 أبريل يوم لا ولن يمحى من ذاكرة المصريين، فيه استُردّت سيناء كاملة عام 1982، تكليلا لسنوات من التضحية والكفاح.

بمجرد دخول القوات الإسرائيلية سيناء بعد حرب 1967، اشتعلت جبهة المقاومة في شبه الجزيرة على كافة الجبهات، على نحو لم تتوقعه تل أبيب.

تصاعدت المقاومة الشرسة بداية من سبتمبر من عام 1968، وصولا إلى حرب أكتوبر المجيدة، حين بدأت القوات المسلحة المصرية معركة العبور إلى الضفة الشرقية من القناة، وتجاوز خط بارليف، واستعادة السيطرة المصرية على قناة السويس، وأجزاء من سيناء.

المفاوضات

شكل التحرك العسكري المصري المرحلة الأهم من أجل التفاوض لاستعادة الأرض وإقامة السلام، ومع حلول اليوم الـ16 لحرب أكتوبر، كان المصريون أمام مرحلة جديدة من استكمال مسيرة استرداد أراضيهم، حين صدر القرار رقم 338، الذي نص على وقف جميع الأعمال العسكرية بداية من 22 أكتوبر 1973.

وقد صدر القرار بعد تدخل الولايات المتحدة الأمريكية والدول الأعضاء في مجلس الأمن الدولي، وامتثلت مصر الساعية للسلام، للقرار من مساء اليوم الذي صدر فيه، إلا أن الجانب الإسرائيلي لم يلتزم، فصدر قرار آخر من المجلس في اليوم التالي التزمت به تل أبيب هذه المرة.

في ضوء قرار 23 أكتوبر دخلت مصر وإسرائيل في مفاوضات للفصل بين القوات، فتوقفت المعارك بداية من 28 أكتوبر/تشرين الأول 1973 بوصول قوات طوارئ دولية إلى جبهات القتال في سيناء.

بعد ذلك، تم الذهاب إلى مباحثات الكيلو 101، في الفترة بين أكتوبر/تشرين الأول ونوفمبر، ليتم الاتفاق على تمهيد الطريق أمام محادثات سياسية من شأنها الوصول إلى تسوية دائمة في الشرق الأوسط.

وقد تمخض عن مفاوضات الكيلو 101، التوقيع في 11 نوفمبر 1973 على اتفاق تضمن التزاما بوقف إطلاق النار، ووصول الإمدادات اليومية إلى مدينة السويس.

وبموجب نفس الاتفاق، تتولى قوات الطوارئ الدولية مراقبة الطريق، ثم يبدأ تبادل الأسرى والجرحى، وهو الاتفاق الذي نُظر إليه باعتباره نقطة محورية في طريق إقامة السلام العادل والدائم في الشرق الأوسط.

فض الاشتباك

بحلول يناير من عام 1974، تم توقيع اتفاق فض الاشتباك الأول بين القاهرة وتل أبيب، وتكمن أهميته في أنه حدد الخط الذي ستنسحب إليه القوات الإسرائيلية على مساحة 30 كيلومترا شرق القناة.

كما حدد اتفاق فض الاشتباك الأول خطوط منطقة الفصل بين القوات التي سترابط فيها قوات الطوارئ الدولية.

وبحلول سبتمبر 1975، وقع اتفاق فض الاشتباك الثاني، الذي بموجبه تقدمت مصر إلى خطوط جديدة مستردة حوالي 4500 كيلو متر من أراضي سيناء.

أما سياسيا، فقد تضمن الاتفاق التأكيد على أن النزاع في الشرق الأوسط لن يحسم بالقوة العسكرية، ولكن بالوسائل السلمية.

مبادرة السادات

نقطة التحول الثانية نحو استرداد سيناء، كانت من خلال مبادرة الرئيس المصري الراحل محمد أنور السـادات عندما زار القدس في نوفمبر من عام 1977، التي سبق الإعلان عنها أمام مجلس الشعب المصري.

وعندما ذهب السادات إلى إسرائيل، ألقى كلمة شهيرة في الكنيست الإسرائيلي، وطرح خلاها مبادرته ورؤيته للسلام، التي كان من أبرز ما جاء فيها التأكيد على أن مصر لن توقع اتفاقا منفردا مع إسرائيل دون حل عادل للقضية الفلسطينية، كضمانة لتحقيق السلام الدائم بالمنطقة.

وتضمنت مبادرته، لاحقا، 5 أسس من أجل السلام، هي إنهاء الاحتلال الإسرائيلي للأراضي العربية التي احتلت عام 1967، وتحقيق الحقوق الأساسية للشعب الفلسطيني وحقه في تقرير المصير، بما في ذلك حقه في إقامة دولته.

شملت الأسس، كذلك، حق كل دول المنطقة في العيش في سلام داخل حدودها الآمنة والمضمونة، عن طريق إجراءات يتفق عليها تحقيق الأمن المناسب للحدود الدولية بالإضافة إلى الضمانات الدولية المناسبة.

كما تنص المبادرة على التزام كل دول المنطقة بإدارة العلاقات فيما بينها طبقا لأهداف ومبادئ ميثاق الأمم المتحدة، وبصفة خاصة عدم اللجوء إلى القوة وحل الخلافات بينهم بالوسائل السلمية، وصولا إلى إنهاء حالة الحرب القائمة في المنطقة كآخر البنود الخمسة للمبادرة.

اتفاقية كامب ديفيد

انتقل المسار السياسي بين مصر وإسرائيل إلى مرحلة جديدة ومهمة، بالموافقة على المشاركة في مؤتمر ثلاثي يضم إلى جانبهما الولايات المتحدة في منتجع كامب ديفيد الأمريكي، وتم التوقيع على اتفاق كامب ديفيد في 18 سبتمبر من عام 1978، الذي تضمن وثيقتين، إحداهما تتعلق بإطار السلام بين مصر وإسرائيل، التي تمخض عنها اتفاقية السلام في 26 مارس/آذار 1979.

ونصت المعاهدة على إنهاء حالة الحرب بين الطرفين وإقامة السلام بينهما، وسحب إسرائيل كل قواتها المسلحة من سيناء وكذلك المدنيين الإسرائيليين إلى ما وراء الحدود الدولية بين مصر وفلسطين تحت الانتداب، وتعود القاهرة لممارسة سيادتها على كامل أراضي سيناء.

جدول زمني

في ضوء المعاهدة، انسحبت القوات الإسرائيلية من سيناء وفق جدول زمني تضمن عدة مراحل، على النحو التالي:

26 مايو 1979: رفع العلم المصري على مدينة العريش، وانسحاب إسرائيل من خط العريش/رأس محمد، وبدء تنفيذ معاهدة السلام.

26 يوليو/تموز 1979: انسحاب إسرائيل من سيناء على مساحة 6 آلاف كيلومتر مربع من أبوزنيبة حتى أبو خربة، وكانت هذه المرحلة الثانية.

19 نوفمبر 1979: تولت محافظة جنوب سيناء سلطاتها وفق وثيقة تسلمتها من القوات المسلحة المصرية بعد أداء واجبها وتحرير الأرض.

19 نوفمبر 1979: انسحاب إسرائيل من منطقة سانت كاترين ووادي الطور، واعتبار ذلك اليوم العيد القومي لمحافظة جنوب سيناء المصرية.

25 أبريل 1982: بعد احتلال دام 15 عاما، رفع العلم المصري على حدود مصر الشرقية، وهو اليوم الذي يحتفل به المصريون كعيد قومي مع انسحاب القوات الإسرائيلية من كل سيناء، ما عدا مشكلة طابا مع رفض تل أبيب الانسحاب منها.

19 مارس 1989: يتم رفع العلم المصري على طابا بعد معركة دبلوماسية وقانونية شرسة، أنهاها التحكيم الدولي لصالح الدولة المصرية.

 

التعليقات