«حكاية» شكوكو مع الطرطور والجلابية

 
كانت صحف المعارضة في الاربعينيات تنشر صورة النحاس باشا زعيم الاغلبية، والى جانبها صورة محمود شكوكو بطرطوره وجلبابه، وتكتب تحتها من هو زعيم الاغلبية؟!
 
لم يكن آنذاك هذا السؤال من فراغ، حيث كانت صياغة النكتة والسخرية السياسية تستند إلى الشهرة الواسعة، والشعبية التي حققها شكوكو خلال سنوات قليلة.
 
فقد انطلق كالصاروخ، وصار معروفا لدى كل الناس في مصر لدرجة ان تماثيله الصغيرة كانت تباع في الشوارع والحواري والازقة بالأحياء الشعبية، وفي الريف المصري مقابل الملاليم أو الأشياء القديمة في البيوت، وكان الأطفال يسارعون إلى شراء تمثال شكوكو بأي شيئ.
 
وشهرة شكوكو الواسعة هي التي جعلت كبار المؤلفين مثل بيرم التونسي، وكبار الملحنين مثل عبد الوهاب يعملون لشكوكو، حيث لحن له عبد الوهاب المنولوج الشهير "يادبحة قلبي.. بقزازة.. لماذا الظلم ده لماذا".
 
ولم تقتصر شعبية شكوكو على مصر فقط، وانما تخطت الحدود فكان من ألمع الأسماء الفنية المصرية في العالم العربي، وسافر إلى اوروبا، وامريكا، وفي لندن ظهر على المسرح وفي الملاهي الليلية بالطرطور والجلابية فكان مضحكا.
 
اطلقت عليه الصحف الانجليزية.. شارلي شابلن العرب، وقالت أنه يستخدم الطرطور بدلا من القبعة.
 
ولد شكوكو بحي الجمالية في أول مايو 1912، وكان والده صاحب ورشة نجارة، وأخذ يتعلم النجارة، وكان بجوار الورشة مقهى يتردد عليه بعض فناني شارع محمد علي، ويقومون بإجراء بروفات الاغاني الشعبية التي جذبت اسماع شكوكو الفتى الصغير، فأخذ يحفظها ويرددها امامهم، واعجبوا بطريقة ادائه، وعرضوا عليه أن يعمل معهم في الافراح والحفلات، وفوجئوا به يحضر بالطرطور والجلابية، فكان شيئا لافتا، وحقق نجاحا من الليلة الأولى.
 
اتسعت شهرته، وبدأت الملاهي الليلية تطلبه، وخطا خطوة نحو الانطلاق، وقام بتكوين فرقة استعراضية عام ١٩٤٧.
 
ومع الشهرة اخذت السينما تسعى إليه، وقدم ٢٥٠ فيلما، أما المسرح فكانت المرة الأولى مع فرقة علي الكسار الذي ضمه إليه بعد ان شاهده في إحدى الحفلات ليقدم مونولوجات، وفكاهات بين فصول الروايات مقابل ٣٠ قرشا في الليلة.
 
وآخر مرة عمل بها في المسرح كانت مسرحية "زقاق المدق" التي ظل يعمل بها إلى أن نقلوه ذات ليلة من المسرح إلى المستشفى حيث كان يعلم بأنه يعاني من الربو، لكنه لم يكن يعرف ان غولا آخر كان يهاجمه بشراسة، وهو السرطان اللعين الذي اخذ يفتك بالرئة والكبد.
 
 وبقي شكوكو في المستشفى ولم يغادرها إلا في ساعة الرحيل يوم 21 فبراير 1985.
 
التعليقات