حكاية احتفال أصحاب البشرة السمراء بـ«فبراير الأسود»

يري الأشخاص حول العالم أن قصة «فبراير الأسود» ترتبط بالكوارث التى تشهد هذا الشهر من كل عام،مع العلم أن ذلك مقولة غير صحيحة وليس له علاقة بذلك،إنما هي قصة تعود إلى أوائل القرن العشرين، حيث غضب المؤرخ والمعلم الأمريكي كارتر جودوين وودسون، من صمت العالم على إنجاز أصحاب البشرة السمراء.
 
ومن هنا، قرر كارتر النضال من أجل عطلة من شأنها تعزيز إنجازات أصحاب البشرة السمراء لإخبار العالم عن تاريخهم وتقاليدهم، ومكافحة الصور النمطية العنصرية التي تتجاهل مساهماتهم، وفقًا لـ«ناشيونال جيوجرافيك».
 
بدأ جودوين في الترويج لإنجازات الأفارقة كمساهمتهم في تدجين الحيوانات منذ الألفية الخامسة قبل الميلاد، كما غذى الأفارقة المستعبدون تجارة المنسوجات العالمية وتمكنوا من مقاومة مضطهديهم.
 
وعلى الرغم من تفشي العنصرية والقوانين التمييزية، قدم الأمريكيون أصحاب البشرة السمراء أيضا مساهمات مهمة في الولايات المتحدة، من الخدمة العسكرية إلى الابتكارات الثورية في النقل والزراعة والأزياء والطعام والحياة اليومية.
 
كافح «وودسون» الذي ولد في ولاية فرجينيا، لأبوين مستعبدين لا يستطيعان القراءة، من أجل الحصول على التعليم، وعمل في مزرعة عائلية وفي مناجم الفحم طوال فترة شبابه وتلقى تعليمًا متقطعًا.
 
وعلى الرغم من أنه عانى حتى العشرينيات من عمره للالتحاق بالمدرسة الثانوية، إلا أنه ذهب للدراسة في الخارج وحصل على الدكتوراه في التاريخ من جامعة هارفارد.
 
وفي عام 1915، عندما احتفلت الأمة بالذكرى الخمسين لتحرير العبيد في نهاية الحرب الأهلية، اتخذ وودسون الإجراءات اللازمة وأسس منظمة تُعرف الآن باسم «جمعية دراسة الحياة والتاريخ للأمريكيين من أصل أفريقي» تهدف إلى نشر المعرفة بتاريخ أصحاب البشرة السمراء.
 
ومن خلال العمل بأموال قليلة وقليل من الدعم، أنشأ «وودسون» وزملاؤه عرضًا فريدًا من نوعه حول تاريخهم وإنجازاتهم في معرض عام 1915، كما أطلقوا أول مجلة أكاديمية حول هذا الموضوع، والمعروفة الآن باسم «مجلة التاريخ الأمريكي الأفريقي».
 
بحث «وودسون» باستمرار عن طرق أخرى لنشر تاريخ وإنجازات أصحاب البشرة السمراء. وفي عام 1920 شجع إخوانه على البدء في اختيار أسبوع للاحتفال بتاريخهم.
 
وفي عام 1926، عزم الاحتفال بما أسماه «أسبوع تاريخ أصحاب البشرة السمراء». وبالفعل بدأ في الاحتفال به كل شهر فبراير ليتزامن مع عيد ميلاد الرئيس الأمريكي الأسبق أبراهام لنكولن، ونشرت الصحف المخصصة لهم مقالات ذات صلة بالتاريخ، كما احتفلوا أيضًا بإنجازاتهم في مجالات الفن والموسيقى والأدب.
 
توفي «وودسون» في عام 1950، لكن جهوده في توثيق التاريخ انتشرت بقوة، مما أدى إلى تأجيج حركة الحقوق المدنية.
 
استمر «أسبوع التاريخ الأسود» الذي أسسه وودسون في اكتساب الشعبية، ففي عام 1975 اعترف الرئيس جيرالد فورد، بذلك في رسالة رسمية تكريمًا لهذا الأسبوع، ووصفه بأنه الأنسب للاعتراف بإسهامات السود في الحياة والثقافة الأمريكية.

58

 
وفي 1976، توسع الاحتفال ليشمل شهر فبراير بأكمله، تقديراً للذكرى المئوية الثانية للأمة، حيث يستمر الاحتفال لمدة شهر من كل عام حتى عام 1986، عندما أقر الكونجرس قانونًا يحدد شهر فبراير رسميًا باعتباره شهر التاريخ القومي لـ«الأفرو أمريكان».
 
وابتداءً من عام 1996 بدأ الرؤساء في إصدار إعلانات سنوية حول الشهر، ومنذ ذلك الحين يتم الاحتفال به بانتظام في جميع أنحاء البلاد، وكل ذلك بفضل مؤرخ مخلص رفض غض الطرف عن التمييز.

69

التعليقات