
ذكريات "جرس الفسحة" في مدارس زمان
"جرس الفسحة ضرب ضرب، صوته كله طرب طرب" عبرت هذه الأغنية من مسلسل (هو وهي) عن أكثر الاصوات قربا إلى قلبي في المرحلة المدرسية. فقد كان جرس الفسحة هو المنقذ من براثن الحصة ومحررنا من قبضة الدرس لننطلق إلى فناء المدرسة حيث اللعب واللهو.
كانت الفسحة هي أكثر اللحظات الممتعة في يومي الدراسي يقطتع منها الكانتين وطابوره جزءا لا بأس به من وقت اللعب ولكن نشوة الانتصار بعد شراء الحلوى من الكانتين كانت شافية ومعوضة لتلك الدقائق الضائعة من وقت الفسحة.
أثناء الدراسة كانت هناك تصنيفات للجرس المدرسي، فمنها مايبعث البهجة والسرور ومنها ماكان يتعس ويؤرق أغلبنا في تلك المرحلة، فلم أكن ذلك الطالب المجتهد الذي يذهب للمدرسة بناء على حبه للعلم ولكن كنت أذهب لمقابلة زملائي واللعب معهم وفي أغلب الأحيان مجبرا من أهلي، ولو كان الأمر بيدي لكنت ظللت في البيت ألعب وألهو، وحمدا لله أنهم لم يسمحوا لي بذلك...
تصنيفات الجرس المدرسي كانت وما زالت لها أهمية كبيرة عند أغلب التلاميذ ومهما تعاقبت الأجيال.
جرس انتهاء اليوم الدراسي (المرواح)، فقد كان هو أكثر الأجراس أهمية في حياة الطالب المدرسي (إلا طبعا هؤلاء الطلاب الدحيحة الذين لن نحتسبهم في تلك الشريحة)، فمع صوت جرس المرواح تسمع الـ"هيييه" من على بعد أميال من المدرسة، فكنا نتسابق الي باب المدرسة وأول الخارجين منها يكون هو الفائز. وخارج المدرسة كنا نقف لدقائق نتفق على جدولنا لليوم التالي وطبعا لم يكن الاتفاق يتضمن أي شيء له علاقة بالدراسة فقد كان ترتيب اولويات اللعب.
جرس المرواح في آخر يوم من العام الدراسي، له بهجة خاصة جدا فهو ليس إعلانًا بانتهاء يوم دراسي عادي، إنما هو إعلان بانتهاء سنة دراسية كاملة وبداية الإجازة حيث اللعب والخروج ومشاهدة التليفزيون والمصيف وكل ما ليس له علاقة بالمذاكرة.
جرس طابور الصباح، ذلك الجرس لطالما تمنينا الا يرن ابدا، فقد كان هادم الملذات ومفرق الجماعات، ينهي لعبنا ويرسلنا الي فصولنا دون رحمة. اللهم الا اذا كانت الحصة الأولى هي حصة الألعاب، وقتها يكون جرس الطابور مفرحا لنا، فحصة الألعاب معناها اننا سنمتلك فناء المدرسة كله لنا وحدنا، إما نلعب كرة القدم أو أية لعبة نختارها لكن في بعض الأحيان كان مدرس الألعاب له ترتيبات اخرى فكان يمنعنا من اللعب بمفردنا ويجعلنا نقوم بالتمارين الجماعية اللتي لم تكن تستهوينا وتضيع حصة الألعاب هباءاً
اما جرس طابور الصباح لأول يوم في العام الدراسي الجديد له شعور غريب، فهو يعلن عن بداية عام دراسي جديد والعودة للمذاكرة والامتحانات وما الى ذلك لكنه أيضا يعلن بداية جديدة لمرحلة جديدة من اللعب ومقابلة زملاء الدراسة اللذين انقطعت علاقتنا بهم اثناء اجازة الصيف، ودائما تكون حصص اليوم الأول من العام الدراسي سهلة واثناء الفسحة نجتمع ليروي كل واحد مننا ماذا فعل في اجازة الصيف، وفي اغلب الأحيان لم تكن فسحة واحدة كافية ليروي كل منا قصته.
وايضا هناك جرس نهاية الحصة، فقد كان بمثابة الهدنة، انتهاء معركة والتحضير للمعركة القادمة، ولكن لا يمنع خلال تلك الدقائق المعدودة من استغلالها في بعض الالعاب داخل الفصل حتى تبدأ الحصة التالية. فقد كانت كل لحظة في اليوم الدراسي هي فرصة للعب ويا حبذا لو دق جرس حصة ما وكان مدرسها غائبا، فهذا يعني وقت اضافي من اللعب.
ولكن تمر السنين ويظل صوت الجرس المدرسي يحمل معه ذكرايات مراحل عدة لطالما افتقدتها فبالرغم من الضغط النفسي التي كانت تسببه لي الدراسة والامتحانات الا انني دائما احن الى تلك الايام والصحبة واساتذتي من المدرسين والمدرسات.
وليس هذا معناه أنني أكره الدراسة أو المدرسين، انما كحال أي طفل أو مراهق يفضل اللعب على المذاكرة أو الالتزام بالدراسة.