تسكين المرض بـ«أسبرينة»

وعودة إلى «اللكلكة القاتلة»، ورسائل القراء الذين لم يفتر غضبهم وجزعهم بعدْ، لما جرى من سقوط لوحات إعلانية متناهية الضخامة فى العديد من الطرق جراء العاصفة.
 
المهندس «عمرو حسنى»، مهندس مدنى، يحمل 45 عامًا من الخبرة، وأرسل رسالة جاء فيها أن ما حدث من سقوط لوحات وتسبب فى إزهاق أرواح بريئة لا يندرج تحت بند «اللكلكة» بقدر ما هو قصور فى المواصفات القياسية المصرية، ناهيك عن الالتزام بالموجود أصلًا من قبل المنفذ، وطبعًا غياب المراقبة على التنفيذ. يقول إن «المواصفات القياسية المصرية تحتاج مراجعات ضرورية منذ سنوات طويلة. وكما كان يعلمنا أستاذ المنشآت المعدنية فى بكالوريوس الهندسة عام 1978؛ أن أى منشأ يتم تصميمه ليتحمل قوى كثيرة منها ضغط الهواء، فإذا كان متوسط هذا الضغط ٢٠ كم /ساعة، يتم التصميم على أن المنشأ يجب أن يتحمل ٤٠ كم / ساعة، وذلك من باب الاحتياط. وماذا سيحدث لو كانت سرعة الرياح ٨٠ كم / ساعة؟.. المنشأ سيسقط، وهذا ما أعنيه بقصور المواصفات القياسية».
 
ويتطرق المهندس عمرو حسنى إلى أوجه القصور الأخرى المعروفة والمعتادة من «درجة التزام» المنفذ بمعايير التنفيذ، وإجراءات التسلم من الجهات المختصة، وهل هناك مواصفات معينة يتم التسلم بناء عليها؟!.. المشكلة ليست فى اللكلكة فقط، التى أبصم بالعشرة على تجذرها، ولكن فى غياب المواصفات أو قصورها- إن وجدت- فضلًا عن عدم التحديث الدورى.. أمور يجب أن يُنظَر فيها. القارئ العزيز «أحمد عمر» اكتفى من جهته بإرسال مجموعة صور فوتوغرافية ملتقطة من شوارع هنا، وأخرى من شوارع هناك!.. ولأن الصورة خير من ألف كلمة، فالرسالة وصلت.. أكشاك كهرباء فى مناطق سكنية مفتوحة على مصراعيها، والكابلات المتصلة بها ظاهرة على سطح الأرض، وهو المشهد المعتاد.. وفى المقابل مشاهد أخرى من بلاد بعيدة تقف على طرف نقيض من حيث مبدأ «اللكلكة»، مع الإشارة إلى «المعهد الوطنى الألمانى للتوحيد القياسى».. ويبقى المعنى لا فى وجود هيئة أو هيئات للتوحيد القياسى، حيث مواصفات وتقنيات ومعايير وأساليب وإجراء وممارسات موحدة يسنها خبراء، كلٌّ فى مجاله فقط، ولكن التأكد من تطبيقها ومراجعتها بكل صرامة. وعمومًا، يبقى المعنى الحقيقى فى بطن الشاعر والشارع. عمومًا، لسنا بصدد توجيه اتهامات، أو تحميل جهة ما مسؤولية حدث جلل ما، فجميعنا أطراف مسؤولون بشكل أو بآخر.
 
وثقافة المواصفات القياسية «بعافية» شديدة، ومنظومة المتابعة والمراقبة والمحاسبة أيضًا ليست فى أفضل حالاتها.. أما «الضمير» وغيره من مفردات شبيهة «يراعى ربنا فى شغله» و«يعمل بما يرضى الله».. وغيرها من العبارات الفضفاضة التى أدخلت الدين فى الدنيا، والمحاسبة بالقانون على «بما يرضى الله»، فقد ضاعت الدنيا وظُلِم الدين بهذا الزج.
 
نحن على يقين تام بما يتم بذله من جهود خارقة فى مصرنا العزيزة، لكننا نطالب ونصبو ونأمل فى أن ننهض بأنفسنا، وذلك بعلاج جذور المرض، لا تسكينها بـ«أسبرينة».
 
المقال / أمينة خيري
المصري اليوم
التعليقات