صناعة القدر.. وتغيير الواقع


ونحن نستقبل عاماً جديداً علينا أن نسأل أنفسنا، هل الإنسان يستطيع أن يصنع قدره بنفسه، أم أنه مسلوب الإرادة والقدرة على الاختيار؟! هل كل منا مسئول عن أفعاله وأخطائه، ويملك القدرة على تغيير واقعه؟! أم أنه مسيّر وليس مخيراً، مثلما زعمت إحدى الفرق الكلامية المنتسبة للإسلام في التاريخ، أُطلق عليها الفرقة الجبرية، وهو اسم مشتق من كلمة الإجبار والإكراه بمصير القدر المحتوم.
ورغم أن تلك الفرقة المخالفة لمنهج وعقيدة الإسلام الحق، أضحي اسمها في غيابة الجب، إلا أن روحها مازالت تسكن أفئدة الكثيرين، أولئك الذين يستسلمون لظروفهم وأوضاعهم، ويعتقدون أنهم لا يملكون من أمر أنفسهم شيئاً، ويبررون أفعالهم وأخطاءهم وسقطاتهم وعثراتهم في الحياة بأنها قضاء وقدر محسوم، ولا مفر لرده أو الخلاص منه، إلا بإرادة الله عز وجل، دون اجتهاد منهم وسعي وكد وتعب، وبلا تبديل للأسباب التي أدت لهذا القدر، أو تغيير ما بأنفسهم وما كسبت أيديهم، وبذلك يبرئون ذمتهم ويريحون ضمائرهم، ويُعفون ذواتهم من المسئولية!
وخطورة هذا الفكر وتلك النظرة، أنها تسلب البشر إرادتهم، وتهدم كل قيمة للعمل والاجتهاد والسعي، وترسخ وتشجع على التواكل والتكاسل والسلبية، وتحط من الإرادة البشرية، والقدرة الإنسانية على الاختيار وتحمل مسئولية نتائجه، وتدفعنا للبحث دائماً عن شماعة نعلق عليها ظروفنا، ونبرر بها مشاكلنا وتعثرنا وفشلنا لنبرئ أنفسنا!!
إننا نستطيع خلق واقع أجمل وقدر أفضل لأنفسنا، وقد شهدنا قدرتنا على خلق واقع جديد للحياة في صعيد مصر، وصنع أقدار أجمل لأهلنا في الجنوب، ورأينا أسوان "أرض الذهب" ترتدي ثوباً جميلاً وحديثاً، ومشروع الطاقة الشمسية النظيفة، ومحور "كلابشة" الذي يربط شرق وغرب النيل، ويسهل حركة التجارة الدولية بين مصر وإفريقيا.. كذلك كل إنسان يملك صناعة قدره بيده، وهذا قمة التكريم الإلهي للإنسان الذي نفخ فيه من روحه.
** عن أخبار اليوم

التعليقات