وأنا حزينة

سألنى الصحفى الشاب: ما رأيك فى قرار الإمارات الأخير بشأن إلغاء الرقابة على الأفلام السينمائية التى يتم عرضها بدور العرض والاكتفاء بوضع تصنيف عمرى هو +٢١ فى حالة وجود ممنوعات؟ سألنى: هل يمكن أن يحدث ذلك فى مصر؟ كان ردى السريع والحزين: يمكنك أن تطرح علىَّ هذا السؤال عندما يكون لدينا سينما أساسًا فى مصر!! وأضفتُ: السينما فى مصر- تقريبًا- لم تعد موجودة، نحن مائة وخمسة ملايين نسمة وإنتاجنا السينمائى تقلّص وتقزّم وتم اختصاره فيما يتراوح بين ١٥ إلى ٢٠ فيلمًا سنويًا فقط.

عندما كنا عشرين وخمسين مليونًا كان إنتاجنا السينمائى يفوق المائة فيلم روائى طويل كل سنة، كنّا رقم واحد فى المنطقة كلها، كان الدخل النقدى من السينما المصرية يفوق أو يُعادل ناتج تصدير القطن المصرى، المحصول الأول فى مصر.

أضفتُ وأنا حزينة: إيطاليا، وسكانها ٦٢ مليون نسمة، بها أكثر من ١٢٠٠ دار عرض سينمائى، فرنسا، وسكانها ٧٨ مليون نسمة، بها أكثر من ٦ آلاف دار، بلاد مجاورة كالسعودية التى أباحت- أخيرًا- السينما أصبحت بها ٣١٧ شاشة تسع ٣٢ ألف متفرج فى ٣١ دار عرض سينمائى، بلاد حولنا كثيرة بها من دور السينما والمسارح ما يكفى سكانها وزوارها والمهاجرين إليها.

عدتُ- وأنا حزينة- لأضيف: فى هجمة ظلامية داهمتنا وداهمت ثقافتنا فى السبعينيات والثمانينيات إثر هجرات للعمل خارج مصر بعد النكسة، واستكملها مشايخ التعصب الدينى والتطرف الفكرى، أغلقت العديد من دور السينما فى العاصمة والمحافظات أبوابها، تم تفجير البعض منها، وتم هدم العديد أيضًا، ولم يتم إعادة بنائها، وأجهزت على العديد منها سنة الإخوان، تدهور الحال حتى أصبحت الأقصر- المدينة السياحية- بلا دار سينما واحدة، دار واحدة فى أسيوط، وواحدة أخرى بأسوان، ومثلها بالبحر الأحمر وجنوب سيناء، المنصورة ودمياط بلا دار سينما واحدة، وكذلك المنيا، وما طال السينما طال المسرح أيضًا فى أرجاء مصر، ومن ثم إنتاجه وعروضه.

الإنتاج السينمائى فى مصر تقلص، والمسارح وقاعات السينما تآكلت، المصدران الأساسيان للثقافة الشعبية يتراجعان، وتلك مسؤولية أمام الوطن والمواطنين لوزارات الثقافة والتنمية المحلية والشباب والمالية.. فهل من مغيث؟

"عن المصري اليوم"

التعليقات