الشبعانين

الشبع الجسدى حالة عقلية بالأساس حين ترسل المعدة إشاراتها للمخ بالشبع بعد عشرين دقيقة من بدء تناول الوجبة بغض النظر عن كمية الطعام التى دخلت جسمك! وقد كان هذا تفسيرا علميا لأن من يأكلون ببطء يحافظون على صحتهم ووزنهم ومن يلتهمون الطعام بشراهة وعنف يأكلون كميات مضاعفة تصيبهم بالتخمة وكل ما يصحبها من أمراض!

وعلى نفس القياس فإن الشبع النفسى أيضا حالة عقلية إشارات يرسلها عقلك تؤثر على سلوكك. بسهولة شديدة يمكن أن تلاحظ أن أسوأ وأبشع أفعال يرتكبها الإنسان.. حين يجوع!! فحيث وجد الجوع للشهرة.. لا تحدثنى عن المهنية فى الإعلام أو فى السياسة أو فى السينما. وحيث الجوع للمناصب.. لا تحدثنى عن خدمة الناس والوطن! وحيث الجوع للخبز.. لا تحدثنى عن التحضر!! وحيث الجوع للجنس.. لا تحدثنى عن منع التحرش!!

شهوات الجنس والشهرة والسلطة والمال.. هى بضاعة الفساد الأولى!! وهى جزء من فطرة الإنسان لكن ما يميز الإنسان فى سلم الرقى فى هذا الأمر هو طريقة تعامله مع تلك الشهوات!!

الشهوة جوع... وكل تسديد سريع لشهوة.. كارثة!! لهذا كانت الأسر العريقة تربى أبناءها على «الشبع»، وأقول العريقة، وليست الغنية!

نحتاج إلى شبعانين فى كل المواقع.. فلا شىء يجعل الفساد يتغلغل قدر السيد «عبده مشتاق»، «وعبده اللى ممسوك عليه ذلة»!.

عبده مشتاق.. يتطلع دائما إلى المزيد، المزيد من الرضا، ممن هم أعلى منه سلطة.. فيضيع وقته، متملقا متسلقا دون أن يضيف سطرا فى إبداع خاص، أو إنجازا جديدا يضيف للمنظومة.. وكيف لفم لا يعرف سوى الهتاف أن يقدم معلومة جادة، أو نقدا بناء، يساعده على النجاح.. هو فقط يراقب ويصفق ويهتف ويشتاق!!

النوع الآخر «عبده ممسوك عليه ذلة»!!!

هو شخص لن يقدر على صنع أى تغيير، حتى إن تمنى ذلك، لأن مصالحه مع بقاء الحال على ما هو عليه، وإن حاول هو نفسه مقاومة الركود، سيواجه بكلمة «سيديهاتك عندى»!! فيمضى فى صمت، ويختار المحافظة على مكتسباته الشخصيه فى هدوء!!! أما العكس فهم هؤلاء «الشبعانين»، الذين تصادفهم قليلا.. فتعرفهم بسرعة.. هؤلاء يعملون كثيرا.. دون طنطنة.. ويصنعون تغييرا حقيقيا فى دوائرهم بثبات، وبخطوات هادئة غير متعجلة.. إن تولوا منصبا، فهم يعملون فيه خُدامًا لأهداف، لا خُدامًا لأشخاص!! لن يسرق خبزك.. ليس لأنه لا يحتاج.. بل لأنه ببساطة لا يريد!

لن يطيح بمن هم إلى جواره.. ولن يقلل من شأنهم.. لأنه غير مشغول بالصراعات.. ولكنه سيسبقهم، لأنه مشغول بالمنافسة.. ينافس الأفضل دائما.. والمتصارعون فى أغلب الأحوال ليسوا الأفضل على الإطلاق!!

آن الأوان لنميز من نختار. آن الأوان ليميز الناس من يمثلهم. ويميز القادة من يختارونهم فى مواقع المسؤولية!! ارحمونا من «جعانين» ينهشون الوطن طيلة عقود مضت.. وأعطوا فرصا حقيقية للأكفاء الشبعانين!

التعليقات