حكاية من زمان.. "بخور" كشف جرائم ريا وسكينة وقادهما لحبل المشنقة

تعد قصة "ريا وسكينة" الأشهر في عالم الجريمة بمصر، ورغم مرور العديد من السنوات على قصتهما وإعدامهما في رمضان قبل 99 سنة من الآن، إلا أن الجميع مازال يتذكر تفاصيل وكواليس قصتهم، ونرصد قصة ريا وسكينة بدءً من جريمة سرقة صغيرة، للتربع على عرش الجريمة، حتى إعدامهما.

 

تبدأ قصة ريا وسكينة على همام لدى قدومهما من صعيد مصر إلى بنى سويف وكفر الزيات لتتزوج ريا من حسب الله سعيد مرعى، بينما شقيقتها سكينة عملت فى بيت دعارة حتى سقطت فى حب أحد الرجال، ويتحرك الجميع للإسكندرية.

الشقيقتان أقامتا برفقة مجموعة من المعاونين وعلى رأسهم عرابى حسان وعبد الرازق يوسف فى عدد من الشقق المستأجرة، والتى اتخذت مسرحاً للجرائم، أبرزها فى 5 شارع ماكوريس فى حى كرموز، و38 شارع على بك الكبير، و16 حارة النجاة، و8 حارة النجاة، حيث كانت الشقيقتان تستقطبان الضحايا من زنقة الستات لمسرح الجريمة لقتلها وسرقة المجوهرات، حتى نجحتا فى تنفيذ 17 جريمة.

الأمر فى بدايته لم يكن لافت للانتباه، حيث كانت بلاغات فردية، بدأت ببلاغ من زينب حسن البالغة من العمر أربعين عاماً إلى حكمدار بوليس الإسكندرية فى منتصف شهر يناير عام 1920 تؤكد فيه اختفاء ابنتها نظلة أبو الليل البالغة من العمر 25 سنة، ثم جاء بعدها بلاغ فى منتصف شهر مارس من العام نفسه تلقاه رئيس نيابة الإسكندرية من المواطن محمود مرسى يفيد باختفاء أخته زنوبه حرم حسن محمد زيدان، وعلى الرغم من ذكر صاحب البلاغ اسم "ريا وسكينة" فى كونهما آخر اثنتين كانتا بصحبة اخته، إلا أن الجهات الأمنية استبعدتهما من الشبهات ودائرة التحقيقات، ثم جاء البلاغ الثالث من "أم إبراهيم" فتاة تبلغ من العمر 15 عاماً، أكدت فى بلاغها للجهات الأمنية بالإسكندرية اختفاء أمها زنوبة عليوة "بائعة طيور 36 عاما"، وتشير الفتاة فى بلاغها أن آخر من تقابل مع والدتها هما ريا وسكينة، ثم جاء بلاغ من حسن الشناوى ويعمل جناينى بجوار نقطة بوليس يؤكد أن نبوية على اختفت من عشرين يوما.

البلاغات الأربعة أصابت الجميع بحالة من الهلع والخوف الذى ضرب المنطقة الهادئة بأكملها، حيث كانت تقيم ريا وسكينة فى حى اللبان، واستغلا الاثنان انشغال الأهالى والأمن بمكافحة الإنجليز لتنفيذ الجرائم بسهولة، لكن الشرطة بدأت تفحص الأمر لتكراره.

خيط صغير قاد الشرطة لإسقاط المجرمتين الأشهر فى مصر، وذلك عندما عثر عسكرى الدورية فى صباح 11 ديسمبر 1920 على جثة امرأة بها بقايا عظام وشعر رأس طويل بعظام الجمجمة وجميع أعضاء الجسم منفصلة عن بعضها وبجوار الجثة طرحة من الشاش الأسود وشراب أسود، ثم تقدم بعدها مباشرة مواطن يدعى "أحمد مرسى" ببلاغ لقسم اللبان أكد خلاله أثناء حفره داخل حجرته لإدخال المياه، عثر على بقايا عظام آدمية، مؤكداً أنه استأجر الحجرة من شخص اسمه "أحمد السمنى" وكان قد أجر الحجرة لسيدة قبله اسمها "سكينة"، وبدأت تتشابك الخيوط، خاصة عندما لاحظ المخبر "أحمد البرقى" انبعاث رائحة بخور بكثرة من غرفة "ريا" بالدور الأرضى فى شارع على بك الكبير، وعندما سألها عن سر ذلك، أكدت له أنها تضع البخور لمواجهة رائحة خمور بعض الرجال، لكن لم يقتنع اليوزباشى إبراهيم بكلامها، وطلب إخلاء الحجرة ونزع الصندرة ليكتشف أن بلاط الحجرة حديث العهد، ومع ذلك تتصاعد منه رائحة العفونة، ووقتها بدأت ترتبك "ريا" فتم اصطحابها للقسم بعد العثور على عظام عدة جثث أسفل الأرض، لتنهار وتعترف بجريمتها بمساعدة شقيقتها وباقى الرجال.

وفى 16 مايو 1921 الموافق 8 رمضان سنة 1339 أصدر أحمد بك الصلح موسى حكم بالإعدام ضد ريا وسكينة وزوجيهما واثنين من "البلطجية" الذين شاركوا فى عمليات القتل للنساء.

التعليقات